أولها مقدمات الكتاب أعنى المقدمات الواقعة في أول جلد كتاب الطهارة (١) وبينا ثمة أن الأولى في ذلك هو الوقوف على الأخبار فيما ترد به من الأحكام ، وأن ذلك لا تتخذ قاعدة كلية في بطلان الشرط خاصة ، أو أصل العقد ، كما يفهم من كلام الأصحاب ، بل يجب الوقوف فيه على موارد النصوص ، حيث أن بعضها تضمن بطلان الشرط خاصة ، مع صحة أصل العقد في بعض الأحكام ، وبعضها تضمن بطلان أصل العقد في بعض آخر ، كما في هذا الموضع وغيره ، ثم انه لا فرق في البطلان بما يشترط بين أن لا يكون قليلا أو كثيرا ، لوجود المقتضي في الجميع ، قال في المسالك : ومن جوز الوقف على نفسه جوز اشتراط هذه الأشياء مطلقا.
أقول : ظاهر هذا الكلام وجود قول في المسئلة بجواز الوقف على نفسه ، مع أن ظاهر الأصحاب الاتفاق على العدم وهو نفسه ممن صرح بذلك أيضا ، فقال في شرح قول المصنف ومن وقف على نفسه لم يصح ، لا خلاف بين أصحابنا في بطلان وقف الإنسان على نفسه الى آخره ، والظاهر أن منع الاشتراط المذكور انما هو بالنسبة إلى نفسه ، وإلا فلو اشترط لغيره من أقاربه أو غيرهم صح الوقف والشرط ، ويدل على ذلك ما رواه المشايخ الثلاثة في الصحيح عن جعفر بن حيان (٢) وهو مجهول أو واقفي قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل أوقف غلة له على قرابته من أبيه ، وقرابته من أمه ، وأوصى لرجل ولعقبه عن تلك الغلة ليس بينه وبينه قرابة بثلاثمائة درهم في كل سنة ويقسم الباقي على قرابته من أبيه ، وقرابته من أمه؟ قال : جائز للذي أوصى له بذلك ، قلت : أرأيت ان لم يخرج من غلة الأرض التي وقفها إلا خمسمائة درهم ، فقال : أليس في وصيته ان يعطى الذي أوصى له من الغلة ثلاثمائة درهم ويقسم الباقي على قرابته من أمه وقرابته من أبيه ، قلت : نعم ، قال : ليس لقرابته أن يأخذوا من الغلة شيئا حتى يوفي الموصى له بثلاثمائة درهم ، ثم لهم ما بقي من
__________________
(١) ج ١ ص ١٦٤.
(٢) الكافي ج ٧ ص ٣٥ ح ٢٩ ، التهذيب ج ٩ ص ١٣٣ ح ١٢ ، الوسائل ج ١٣ ص ٣٠٦ ح ٨.