رجوعها ميراثا إنما هو لذلك ، وأما ما ذكره والعلامة (رحمهالله عليه) قبله من قوله ولأن الوقف تمليك للمنافع إلى آخره ، فهو في البطلان أظهر من أن يحتاج إلى مزيد بيان ، مضافا إلى أن بناء الأحكام الشرعية على مثل هذه التعليلات العليلة مجازفة محضة.
استدل القائلون بالقول الثاني على ما نقله في المسالك ، بأن هذا الشرط خلاف مقتضى الوقف ، لأن الوقف إذا تم لم يعد إلى المالك على حال ، فيكون فاسدا ويفسد به العقد.
والعجب أنه في المسالك مع تصديه للانتصار للقول المشهور ، والجواب عما أورد على أدلته ظاهرة القصور لم يتعرض للجواب عن استدلال الخصم المذكور ، وكيف يمكنه الجواب عنه ، وهو قد اعترف بذلك في مسئلة ما لو وقف على غيره ، وشرط قضاء ديونه ، أو أدار مؤنته ، حيث قال : ثمة وإذا شرط الواقف قضاء ديونه أو أدار مؤنته أو نحو ذلك ، فقد شرط ما ينافي مقتضاه ، فبطل الشرط والوقف ، انتهى.
ولا ريب أن مقتضى الوقف الذي ذكره هو عدم العود إلى الواقف بوجه ، وحينئذ فكما أنه يبطله شرط قضاء الديون وأدار المؤنة ، كذلك يبطله اشتراط الرجوع إليه لحاجته وفقره.
وبالجملة فإن الظاهر من الأخبار المتقدمة هو البطلان باشتراط الرجوع بأحد الوجوه المذكورة في مواضع هذه المسئلة ، لبطلان هذه الشروط من الأكل من الوقف ، أو شرط قضاء ديونه ، أو الرجوع عند الحاجة ، لاشتراك الجميع في العلة المقتضية للمنع ، وهو الخروج عن مقتضى الوقف.
قال في المختلف : احتج المانعون بأنه شرط ينافي عقد الوقف ، فيبطل لتضمنه شرطا فاسدا ، والجواب المنع من منافاة الشرط العقد ، وإنما يكون منافيا لو لم يكن الوقف قابلا لمثل هذا الشرط ، انتهى.