وموضع الخلاف المحتاج إلى الدليل ، لأن حاصل معنى الخبر على ما ذكره أنه متى قصر الوقف على الأولين فليس له أن يدخل معهم غيرهم إلا أن يشترط الإدخال ، يعني بأن لا يقصره عليهم ويشترط ، فيكون الاستثناء منقطعا ، فالمعلوم منه إنما هو حكم ما لو قصره عليهم ، فإنه لا يجوز الإدخال ، وحكم ما لو اشترط فإنه يجوز الإدخال ، والحكمان مما لا خلاف فيهما ولا اشكال ، وأما لو لم يقصر الحكم عليهم ولا اشترط الإدخال فحكمه غير معلوم من الخبر ، وهو محل البحث كما عرفت ، ومحتاج إلى الاستدلال.
وما ذكره (قدسسره) معنى قريب في الخبر ، الا أنه يخرج به عن محل البحث كما عرفت ، وتبقى صحيحته الأخرى خالية من المعارض ، فان ظاهرها الإطلاق ، بمعنى أنه تصدق ولم يقصر ولم يشترط وقد أجاب عليهالسلام بأنه لا بأس بالإدخال ، والحال هذه ونحوها الروايات الأخر ، وعلى هذا يبقى القول المشهور عاريا عن الدليل ، لأن دليله كما عرفت منحصر في الروايتين المذكورتين ، وهما صحيحة علي بن يقطين الاولى ، ورواية جميل ، وقد عرفت ما فيهما.
ومنه يظهر قوة قول الشيخ في النهاية ، لدلالة الروايات الباقية عليه ، الا أنه يبقي الإشكال في هذا القول ، ورواياته ، فان مقتضى الوقف اللزوم ، حيث أنه من العقود اللازمة متى تمت شرائطه ، وقضية اللزوم تمنع جواز الإدخال ، ولهذا حمل الشيخ وغيره خبر محمد بن سهل عن أبيه على عدم القبض ، وهذا الحمل يجري أيضا في صحيحة علي بن يقطين الثانية ، ورواية قرب الاسناد ، وأما رواية عبد الرحمن بن الحجاج المذكورة في عداد هذه الأخبار فقد عرفت ما فيها ، وعلى هذا فيمكن حمل صحيحة علي بن يقطين الاولى على ما إذا أقبضهم ، ولعل المراد بالإبانة في الخبر المذكور ذلك ، بمعنى أنه متى أبانهم بالوقف وأقبضهم إياه فليس له الإدخال إلا مع الشرط في أصل العقد ، وعلى هذا تجتمع الأخبار المذكورة.