وبالجملة فالمسئلة غير خالية من الاشكال ، وان كان القول المشهور هو الأوفق بالقواعد الشرعية ، من حيث اقتضائها لزوم الوقف بالعقد ، وأما الاستدلال على ذلك بشيء من هذه الأخبار ففيه ما عرفت من تعدد الاحتمال في الصحيحة التي هي أظهر ما استدل به على القول المذكور ، وأما غيرها فقد عرفت ما فيه ، وغاية ما استدل به العلامة في المختلف لذلك قول العسكري عليهالسلام المتقدم ، وقد تقدم ما فيه : ورواية جميل المتقدمة ، وقد عرفت ما فيها ، والله العالم.
المطلب الثالث في شرائط الموقوف :
يشترط فيه أن يكون عينا مملوكة ، يصح الانتفاع بها مع بقائها ، ويصح إقباضها ، والكلام هنا في مواضع :
الأول : أن يكون عينا ، والمراد بالعين ما لم يكن دينا ولا منفعة ولا مبهما ، لأن العين تطلق في مقابلة كل من هذه الثلاثة ، فأما الوجه في عدم صحة وقف الدين ، فلأن الوقف كما تقدم عبارة عن تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة ، وذلك يقتضي أمرا موجودا في الخارج يحكم عليه بذلك والدين في الذمة أمر كلي لا وجود له في الخارج ، فيكون وقفه قبل التعيين من قبيل وقف المعدوم ، ومن ثم منعوا من جواز هبة الدين لغير من هو عليه لذلك ، كذا قالوا والأظهر في تعليل ذلك انما هو ما تقدمت الإشارة إليه سابقا من أن الوقف يقتضي نقل الوقف الى الموقوف عليه ، فيجب الوقوف فيه على ما علم من الشارع كونه ناقلا ، وما علم كونه قابلا للانتقال بذلك ، ولم يعلم من الأخبار تعلق الوقف بالديون ونقلها به ، والأصل العدم الى أن يثبت الدليل على ذلك ، وإنما علم منه العين خاصة ، وأما الوجه في عدم جواز وقف المنفعة فعلل بأن وقفها مناف للغاية المطلوبة من الموقوف ، وهي الانتفاع بها مع بقاء عينها ، والانتفاع بالمنفعة يستلزم استهلاكها شيئا فشيئا ، ولجواز التصرف في العين ، لأنها لم يتعلق