«عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قلت له : رجل اشترى دارا فبقيت عرصة فبناها بيت غلة أيوقفه على المسجد؟ فقال : ان المجوس أوقفوا على بيت النار».
والمستفاد من الخبرين تعليل المنع بالتشبه بالمجوس ، ولم يتعرض لنقل الخبرين المذكورين أحد من الأصحاب في هذا المقام ، فضلا عن الجواب عنها ، ويمكن حملهما على الكراهة ، بناء على أن المفهوم من الأخبار خفة المؤنة في المساجد ، لا كما هو المتعارف في هذه الأزمان من التكلفات الزائدة فيها ، كما لا يخفى ، والله العالم.
المسئلة الثانية : قد اختلف الأصحاب (رضياللهعنهم) في الوقف على الكافر وقد اضطرب كلامهم في هذا المقام ، فقيل : بالجواز مطلقا ، والمنقول عن الشيخين (عطر الله مرقديهما) أنهما منعا من وقف المسلم على الكافر ، إلا أن يكون من الأقارب سواء كان الأبوين أو غيرهما من ذوي الأرحام ، وبه قال أبو الصلاح وابن حمزة ، وعن سلار وابن البراج الحكم بالبطلان مطلقا وان كان من الأبوين.
واضطرب كلام ابن إدريس فقال : يصح وقف المسلم على والديه الكافرين دون غيرهما من الأهل والقرابات وغيرهم ، لقوله تعالى (١) «وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً» وأما غيرهما فلا يجوز وان كان قريبا ، لأن شرط الوقف القربة ، ولا يصح التقرب إلى الله تعالى بالوقف على الكافر ، ونسب كلام الشيخ في النهاية من صحة الوقف على الأقارب ، إلى أنه خبر واحد أورده بلفظه إيرادا لا اعتقادا ، كما أورد غيره ، إلى أن قال : والأولى عندي أن جميع ذوي أرحامه من الكفار يجرون مجرى أبويه الكافرين في جواز الوقف عليهم ، لحثه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بصلة الأرحام (٢) قال : وبهذا أفتى ، ثم أمر بلحظة وتأمله ، ثم نقل بعد ذلك بكلام طويل عن الشيخ في الخلاف أنه يجوز الوقف على أهل الذمة إذا كانوا
__________________
(١) سورة لقمان ـ الاية ١٥.
(٢) الكافي ج ٤ ص ١٠ ح ٣ ، الوسائل ج ٦ ص ٢٨٦ ح ٢.