في معنى الايمان ، وما ذكره المتأخرون مبني أيضا على ما اختاروه ، فالنزاع هنا لفظي ، ومحل البحث في تحقيق معنى الايمان ، والحق عندي فيه هو مذهب المتقدمين ، لأنه المستفاد من الأخبار المستفيضة ، وان حملها متأخرو الأصحاب على الفرد الأكمل منه ، إلا أن الحمل فرع وجود المعارض ، ثم الظاهر أنه على تقدير تفسير الايمان بالمعنى المشهور ، فمظهر الفرق بينه وبين التفسير بالمعنى الثاني وهو اضافة العمل إلى ما ذكر ، إنما هو في اتصاف الفساق بالايمان وعدمه ، فيتصفون به على القول المشهور ، لا على القول الآخر ، ولكن مع عدم اتصافهم به لا يكونون كفارا ، بل مسلمين ، لأنها المنزلة الوسطى بين الكفر والايمان ، وكيف كان فإن محل الجميع الإمامية الاثني عشرية.
وما يظهر من المسالك من أن الايمان بمعنى اعتقاد إمامة الاثني عشر (صلوات الله عليهم) أخص من الايمان بالمعنى المشهور ، ان أريد به الخصوص والعموم بحسب المفهوم فهو كذلك ، وان أريد مصداقا بمعنى أنه يصدق الايمان بالمعنى المشهور على ما هو أعم من الاعتقاد بإمامة الاثني عشر (صلوات الله عليهم) كما هو ظاهر كلامه فهو باطل ، لأنا نمنع صدق الايمان بأي معنى فسر على غير القائلين بإمامة الاثني عشر (صلوات الله عليهم) ، لما علم من الأخبار على وجه لا يقبل الإنكار من شرف المؤمن وحرمته ، وحرمته ، ووجوب قضاء حقوقه ونحو ذلك من الأخبار المروية في الكافي في كتاب الايمان والكفر (١) ، وتفصيل حقوق المؤمن مضافا إلى ما دل على أنه الموجب لدخول الجنة ، وهذا كله لا يصح إجراؤه على غير الاثني عشرية ، فإنهم المرادون بذلك على الخصوص.
نعم يجب التفصيل فيهم بالفسق والعدالة ، بناء على القول الآخر في معنى الايمان ، وحينئذ فلو وقف على المؤمنين وأطلق فإن كان الواقف من الإمامية وهم الاثني عشرية فلا ريب في أن المراد بهم الإمامية ، لكن يبقى الكلام في الاختصاص
__________________
(١) الكافي ج ٢ ص ١٩٢ باب قضاء حاجة المؤمن.