كما هو مأثور عن السلف ، وورد في كثير من الأخبار أنه مركب من ثلاثة أشياء : اعتقاد بالجنان ، وإقرار باللسان ، وعمل بالأركان ، فيكون العمل ثلث الايمان ، والمشهور وهو الأصح عدم اعتباره ، وإليه ذهب الشهيد في البيان أيضا لما تحقق في الكلام من أن الايمان هو التصديق بالقلب ، والإقرار باللسان على الوجه السابق ، وأن العمل ليس بجزء منه ، ولا شرط ، انتهى.
وفيه أنه لا يخفى على من راجع الأخبار التي هي العمدة في الإيراد والإصدار أنها دائرة بين قسمين ، فقسم منها اشتمل على أن الايمان عبارة عن التصديق والإقرار ، وهذه الأخبار وردت في مقام الفرق بين الايمان والإسلام ، وأن الايمان أخص مطلقا.
وقسم منها ورد بأنه عبارة عما ذكر مع اشتماله على العمل ، وصرحت بأنه إقرار باللسان ، واعتقاد بالجنان ، وعمل بالأركان ، ولهذه الأخبار مؤيدات من الأخبار أيضا ، مثل الأخبار الدالة على تقسيم الناس إلى ثلاث فرق ، الراجعة إلى ست فرق ، مثل حديث الطيار المروي في الكافي (١) قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : الناس على ست فرق ، يؤولون (٢) كلهم إلى ثلاث فرق : الايمان والكفر والضلال : وهم أهل الوعدين الذين وعدهم الله تعالى الجنة والنار ، المؤمنون والكافرون ، والمستضعفون والمرجون لأمر الله ، إما يعذبهم وإما يتوب عليهم ، والمعترفون بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ، وأهل الأعراف» ، ومرجع ذلك إلى إثبات منزلة بين الكفر والايمان ، وهو مبني على أخذ الأفعال في الأعمال ، وهؤلاء بمقتضى النصوص من المسلمين ، لا بالمعنى المشهور الذي يدخل فيه المنافقون ، بل أخص منه.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنه لا منافاة بين هذه الأخبار ، إذ غاية الأخبار الأول
__________________
(١) الكافي ج ٢ ص ٣٨١ ح ٢.
(٢) أى : يرجعون.