مِنْ نِساءٍ» (١) وقول زهير : «فما أدرى وسوف أخال أدري أقوم أهل حصن أم نساء» قال : وأما الرواية التي وردت بأن ذلك على جميع أهل لغته فهي خبر واحد ، لا يوجب علما ولا عملا من غير دليل يعضدها من إجماع أو كتاب أو سنة أو دليل أصل ، فإذا عدم جميع ذلك وورد خطاب مطلق حمل على العرف ، والعرف ما اخترناه.
وقال العلامة في المختلف بعد نقل ذلك عنه ، والجواب المنع من ذلك ، فان الشيخين أعرف باللغة ، ومقاصد العرب ، والمرجع في ذلك إليهم ، انتهى.
أقول : الظاهر أن الأقرب من هذه الأقوال هو ما ذهب إليه ابن إدريس (رحمهالله عليه) لشهادة ما استند إليه من البيت بذلك ، فإنه ظاهر فيما ادعاه من أن المراد بقومه هم الأهل والعشيرة ، وجواب العلامة له بما ذكره مجرد تحامل عليه ، كما هو عادته غالبا ، وأما ما يشير إليه كلام ابن إدريس من ورود رواية بتفسير القول بما ذكره الشيخان وأتباعهما فلم تصل إلينا ، ولا نقلها غيره ولو ثبتت لما كان عنها معدل ، وكلام ابن إدريس هنا في المنع من العمل بها على قاعدته غير مسموع ولا موجه ، ومن المحتمل قريبا ان ابن إدريس ظن أن الشيخين إنما ذكرا ذلك لرواية وصلت إليهما ، فطعن فيها بما ذكره ، ومثل ذلك كثير في كلامه مع الشيخ من نسبة كلام الشيخ إلى أخبار الآحاد ، مع أنه ليس ثمة خبر.
ومنها ما لو وقف على عشيرته ، فقال الشيخان : إنه على الخاص من قومه الذين هم أقرب إليه في نسبه ، وبه قال سلار وابن البراج وابن إدريس ، وقال : أبو الصلاح بعمل بالمعلوم من قصده ، فان لم يعرف عمل بعرف قومه في ذلك الإطلاق ، قال : وروى أنه إذا وقف على عشيرته كان على الخاص من قومه الذين هم أقرب الناس إليه في نسبه ، مع أنه قال عقيب ذلك : إذا وقف على قومه كان ذلك على جميع أهل لغته من الذكور دون الإناث.
__________________
(١) سورة الحجرات ـ الاية ١١.