وفي رابع حتى يرثها الله الذي يرث السموات والأرض» والمراد بجعل المال على أصوله يعني جعله على الوجه الذي عينه الواقف من كونه لا يتصرف فيه بشيء من الوجوه الناقلة ، الى أن يرثه وارث السموات والأرض ، ولا ريب أن العتق تصرف ناقل ، ومخرج عما عينه الواقف ، سواء كان الوقف ـ بعد الموقوف عليه ـ راجعا الى البطون أو أحد الجهات العامة والمصالح ، وبه يظهر ما في العبارة المتقدمة من الحزازة ،
الثالث : لو كان العبد مشتركا بين اثنين بالمناصفة ، فوقف أحدهما نصفه ، ثم أعتق الآخر نصفه فهل يسرى عليه ويعتق أجمع ، أم لا؟ قالوا : يبنى على أن الملك في الوقف هل بقي للواقف ، أم انتقل الى الله تعالى ، أم إلى الموقوف عليه؟ فعلى الأولين لا سراية لأنه على تقدير عدم انتقاله عن الواقف في معنى إعتاقه ، وهو ممتنع أيضا لما يستلزم من إبطال حق الموقوف عليه ، وعلى تقدير انتقاله الى الله تعالى يكون في معنى التحرير الذي لا يقبل التحرير ثانيا.
وأما على تقدير انتقاله الى الموقوف عليه فان الأكثر على عدم السراية أيضا ، قيل : بل كاد أن يكون إجماعا ، وعلل بأن العتق لا ينفذ في الحصة الموقوفة مباشرة ، كما تقدم ، فبالأولى أن لا ينفذ فيها سراية.
وقيل : بالسراية والفرق بين المباشرة والسراية بما هو مذكور في كلامهم ، ولهم في المقام كلام لا فائدة في التعرض لذكره ، فإنه لا يخفى على من لا حظ أخبارهم عليهمالسلام في المقام ، أن جميع ما أطالوا به من الكلام والنقض والإبرام كله نفخ في غير ضرام لأنها قد صرحت كما تقدم ذكره بأنه بعد عقد الوقف الجامع لشرائط الصحة يجب إبقاء العين الموقوفة ، بمعنى أنه لا يتصرف فيها بنقل ، وانما المتصرف في حاصلها بصرفه على من وقف عليه من بطون أو جهة أو مصلحة ، وأنه يجب إبقاء العين على الوجه المذكور الى أن يرثها الله تعالى وارث السموات والأرض ، وهو