قال رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : إنما مثل الذي يتصدق بالصدقة ثم يعود فيها مثل الذي يقي ثم يعود في قيئه».
أقول : وهذه الأخبار كما ترى صريحة في عدم جواز الرجوع في الصدقة بعد حصول الشروط المتقدمة ، وفيها مع ما تقدم من أخبار الدار رد على ما تقدم نقله عن الشيخ من جواز الرجوع ، وقد تقدمت جملة من الأخبار بلفظ الصدقة في أحكام الوقف ، واستدل به على تلك الأحكام ، ومنها ما هو صريح في الوقف ، ومنها ما هو محتمل لذلك ، ولكن الأصحاب فهموا منها الحمل على الوقف ، والذي يتلخص من النظر في الأخبار والجمع بينها وان لم يذهب إليه أحد من علمائنا الأبرار هو أن الصدقة أعم من المعنى المبحوث عنه هنا ، ومن الوقف ، وكل من الأمرين مشترط بالقبض والقربة ، وعدم جواز الرجوع بعد استكمال الشروط ، لكن متى قرنت بالدوام تمحضت المحمل على الوقف ، أو كانت الصدقة على جهة من الجهات أو مصلحة من المصالح المتقدمة ، فإنها يختص بالوقف أيضا ، وما عدا هما فهو قد تشتمل على ما تختص بالصدقة بالمعنى المبحوث عنه ، وقد يكون محتملا للأمرين كما عرفت ، والله العالم.
تنبيهات :
الأول ـ قال الشيخ في النهاية : ما تصدق به الإنسان لوجه الله تعالى لا يجوز أن يعود إليه بالبيع والهبة والشراء ، فان رجع إليه بالميراث كان جائزا ، وبنحو ذلك صرح الشيخ المفيد (عطر الله تعالى مرقده) ومنع ابن إدريس من تحريم العود لعدم الدلالة عليه ، فان المتصدق عليه قد ملك العين فله بيعها على من شاء من المتصدق وغيره ، قال : وقد رجع في الخلاف فقال في كتاب الزكاة : يكره للإنسان أن يشتري ما أخرجه في الصدقة ، ثم تعجب من كلام الشيخ في الموضعين ، وظاهر المشهور بين الأصحاب الجواز على كراهة ، وعليه حمل في المختلف كلام الشيخ ، قال : لأنه يطلق لفظ لا يجوز على المكروه كثيرا.