قال : أيما رجل أعمر عمري له ولعقبه فإنما هي للذي يعطاها ، لا ترجع إلى الذي أعطاها ، فإنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث» (١). وأنت خبير بأن هذا الخبر غير موجود في كتب أخبارنا ، والظاهر أنه عامي.
وكيف كان فالقول المذكور ضعيف مردود بالأخبار المتقدمة ، كالخبر الأول والثاني فإنهما صريحان في الرجوع إلى صاحب الدار بعد فناء العقب ، وقوله انه ليس للعقب أن يبيعوا ولا يورثوا أظهر في عدم الملك.
وبالجملة فإن المفهوم من الأخبار المتقدمة تصريحا في بعض وتلويحا في آخر أنه لا فرق في رجوع المعطي بأحد الوجوه المذكورة إلى المالك بين أن يعلق على عمر أحدهما أو على عقب المعمر بعده ، بأن يجعل المنفعة لهم بعده مدة عمرهم ، أو لبعض معين منهم ، أو جعله له مدة ، ثم لعقبه مدة معينة مخصوصة ، فيكون حينئذ مركبا من العمرى والرقبى ، ثم بعد انقضاء المدة المعينة يرجع إلى المالك ، وإلى جميع ذلك يشير قوله في الخبر الأول «الناس فيه عند شروطهم» ، والله العالم.
الرابع : لا خلاف بين الأصحاب في أنه لو قرن السكنى بعمر المالك ثم مات الساكن قبل المالك فإنه ينتقل الحق إلى ورثته مدة حياة المالك ، كغيره من الحقوق والأملاك التي يرثها الوارث ، إنما الخلاف فيما لو قرنت بعمر المعمر وهو الساكن ثم مات المالك قبله ، فالمشهور أنه لا يجوز لورثة المالك إزعاج المعمر وإخراجه ما دام حيا ، لأن الأصل في العقد اللزوم ، وهو قد استحق بالعقد المنفعة مدة حياته ، حيث أنها قرنت بعمرة ، وقد دل الخبر الأول كما عرفت «الناس عند شروطهم» ومقتضى الشرط هنا ما ذكرناه.
ويدل عليه أيضا قوله في الخبر الثاني ان كان جعل السكنى في حياته فهو كما شرط ، فان الضمير راجع إلى الساكن بقرينة قوله بعده «وان كان جعلها له
__________________
(١) المستدرك ج ٢ ص ٥١٥ ح ٤.