ما تضمنه صدر الخبر وغفلوا عما تكرر فيه بعد ذلك من ذكر السكنى ، سيما الرواية عن أبى جعفر عليهالسلام.
الثاني ـ حيث قد عرفت أنه يجوز البيع في هذه الصورة ، فإن كان المبيع مسلوب المنفعة ، فإن كان المشتري عالما فلا خيار له ، لأنه قدم على شراء عين مسلوبة المنفعة ، فيجب عليه أن يصبر حتى ينقضي المدة أو العمر المقرون بها فتنتقل المنفعة بعد ذلك ، وله في تلك المدة وبقاء العمر الانتفاع بالمبيع ، بالبيع والهبة والعتق ، وغير ذلك مما لا يتعلق بتلك المنفعة المستحقة ، وان كان جاهلا تخير بين الصبر مجانا إلى انقضاء المدة أو العمر ، وبين الفسخ ، لحصول العيب بفوات المنفعة.
الثالث ـ لو كان المشترى هو المعمر في صورة العمرى أو الساكن في صورة السكنى ، فإنك قد عرفت أن المنفعة قد انتقلت إليه في تلك المدة وزمان العمر ، وبعد الاشتراء قد انتقلت له العين أيضا ، فصارت العين ومنافعها له ، فيجوز له أن يبيعها مع منافعها ، لأن الجميع ملك له ، وأما قبل الاشتراء فإنه لا يجوز له بيع المنفعة التي انتقلت إليه ، لأن البيع لا يقع على المنافع ، وإنما مورده الأعيان كما تقدم في كتاب البيع (١).
نعم الأقرب أنه يجوز له الصلح عليها ، وعلى هذا لو اشترى العين غيره جاز له أن يصالح المشتري على ما يستحقه من المنفعة بمال معلوم ، فيصير المشتري مالكا للعين والمنفعة ، كما لو كان المشتري هو المعمر أو الساكن ، والله العالم.
الثامن : المشهور بين الأصحاب أنه إذا أطلق السكنى بمعنى أنه لم يعين الساكن ، بل قال : أسكنتك هذا الدار مدة كذا ، أو عمرك أو نحو ذلك ، فإنه يسكن فيها بنفسه وأهله وأولاده ، ولا يجوز له إسكان غيرهم إلا بإذن جديد زائد على مجرد هذا العقد.
__________________
(١) ج ١٨ ص ٤٢٩.