الآخرين لم يبرأ بمطلق الهبة ، ولو حلف ان لا يهب ، فتصدق أو أهدى حنث دون العكس ونقل عن الشيخ في المبسوط أن الهبة والهدية والصدقة بمعنى واحد ، والظاهر بعده.
وظاهر المشهور أنه يشترط في الهبة بالمعنى الأعم بعد أهلية التصرف من جانب الواهب ما يشترط في سائر العقود من الإيجاب والقبول ، ونحو ذلك مما تقدم ذكره مرارا إلا اعتبار كونه بلفظ الماضي قولا واحدا ، فلا بد عندهم في الهدية التي هي أحد أفراد الهبة كما عرفت من جميع ذلك.
قال الشيخ في المبسوط : ومن أراد الهدية ولزومها وانتقال الملك منه إلى المهدى إليه الغائب فيوكل رسوله في عقد الهبة ، فإذا مضى وأوجب له وقبل الهدية المهدى إليه وأقبضه إياها لزم العقد ، وملك المهدي إليه الهدية ، ونحوه قال في الدروس ، وجعل عدم اشتراطها بالإيجاب والقبول احتمالا ، واختلف كلام العلامة في ذلك ، ففي القواعد قطع بأن الهدية كالهبة في اشتراطها بالإيجاب والقبول ، وفي التحرير نقل قريبا من كلام الشيخ ، ثم قال : فلو قيل : بعدم اشتراط القبول كان وجها قضاء للعادة بقبول الهدايا من غير نطق ، ويلوح من آخر كلامه في التذكرة الفتوى بذلك.
قال في التذكرة ـ ونعم ما قال ، وان أسنده إلى العامة ، فإنه الحق الذي لا يعتريه إشكال ـ انه لا حاجة في الهبة إلى الإيجاب والقبول اللفظيين ، بل البعث من جهة المهدي كالإيجاب ، والقبض من جهة المهدى إليه كالقبول ، لأن الهدايا كانت تحمل إلى رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) من قيصر وكسرى وسائر الملوك فيقبلها ولا لفظ هناك ، واستمر الحال من عهده (صلىاللهعليهوآلهوسلم) إلى هذا الوقت في سائر الأصقاع ، ولهذا كانوا يبعثون على يد الصبيان الذين لا يعتد بعبارتهم قال (رحمهالله) : ومنهم من اعتبرهما كما في الهبة ، واعتذروا عما تقدم بأن ذلك كان اباحة لا تمليكا ، وأجيب بأنه لو كان كذلك ما تصرفوا فيه تصرف الملاك ، ومعلوم أن النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) كان يتصرف فيه ويملكه