ومن تبعهما ممن تقدم ذكر بعض منهم على القول بأنه شرط في اللزوم ، وقد فرع الشيخ على الخلاف المذكور فطرة العبد المشترى قبل الهلال مع عدم القبض إلا بعده ، فقال في المبسوط : من وهب لغيره عبدا قبل أن يهل شوال فقبل الموهوب له ولم يقبضه حتى هل شوال ثم عبضه ، فالفطرة على الموهوب له ، لأن الهبة تنعقد بالإيجاب والقبول ، وليس من شرط انعقادها القبض ، وفي أصحابنا من يقول القبض شرط في صحة الهبة ، فعلى هذا لا فطرة عليه ، وتلزم الفطرة الواهب ، انتهى ملخصا ، فانظر الى صراحته في الخلاف وصراحته في اختيار القول بحصول الملك بمجرد العقد من غير توقف على القبض ، وهو (قدسسره) في المختلف قد وافق الشيخ في هذه المقالة ، واحتج بما ذكره الشيخ ، وبذلك يظهر لك عدم الوثوق بهذه الإجماعات المتناقلة في كلامهم ، والمتكاثرة الدوران على رؤوس أقلامهم.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن في المقام اشكالا لم أقف على من تنبه له ، وهو أن مقتضى القول بكون القبض شرطا في اللزوم لا في الصحة ، هو أن الهبة بدون القبض تكون صحيحة غير لازمة ، وبالقبض تكون لازمة ، بمعنى أنه لا يجوز الرجوع فيها ، إذ المتبادر من اللزوم هو ذلك ، مع أنه كما سيأتي ان شاء الله تعالى ذكره ان الأمر ليس كذلك حيث انهم عدوا المواضع التي لا يجوز الرجوع فيها ، وحصروها في مواضع مخصوصة ، وان كان على خلاف في بعضها ، وليس هذا منها ، وصرحوا بأنه لا خلاف في جواز الرجوع فيما عداها ، وممن صرح بذلك المحدث الكاشاني في المفاتيح ، لما فهمه من كلامهم ، فقال بعد عده المواضع المشار إليها ما لفظه : وفي غير ما ذكر يجوز له الرجوع مطلقا بلا خلاف ، كما في الصحاح المستفيضة ، ثم نقل ما يخالفها ، وحمله على الكراهة ، والاشكال كما ترى ظاهر ، ولا مخرج من هذا الإشكال إلا بما ذكره في التذكرة ، وأشار إليه في الدروس مما يرجع إلى حمل اللزوم على الصحة ، إلا أنك قد عرفت ما فيه ، وبالجملة فإن كلامهم في هذا المقام لا يخلو من تشويش واضطراب كما لا يخفى على ذوي الأفهام والألباب ، والله العالم