وأما الثاني فإنه حيث لا يفتقر الى قبض ولا اذن جديد في القبض لا يفتقر الى مضي زمان يمكن فيه القبض ، لأن الافتقار الى الزمان تابع للقبض ، حيث انه من ضرورياته ولوازمه ، فيعتبر حيث يعتبر ، وقد عرفت أنه لا يفتقر الى قبض جديد وإذا لم يعتبر المتبوع سقط اعتبار التابع ، وبه يظهر ان ما صار اليه بعضهم من أنه يفتقر الى مضي زمان يمكن فيه القبض ـ كما نقل عن الشيخ في المبسوط أو الى إذن جديد ومضي زمان ـ فإنه لا وجه له ، وأصالة العدم أقوى دليل في المقام.
الخامس : لو وهب الأب أو الجد لولده الصغير ما هو بيدهما لم يفتقر الى قبض جديد لان قبض الولي قبض عنه ، ولا يفتقر أيضا الى مضي زمان يمكن فيه القبض لعين ما تقدم في سابق هذا الموضع ، وقد تقدم في أخبار الصدقة على الولد أن قبض الأب والجد عن الصغير كاف في صحة الصدقة ، ففي رواية السكوني (١) «وان تصدق على من لم يدرك من ولده فهو جائز ، لأن والده هو الذي يلي أمره».
وبالجملة فإن الحكم لا اشكال فيه ولا خلاف نصا وفتوى فيما أعلم ، فإن القبض السابق على الهبة كاف عن القبض الطاري بعدها ، وأيدوه بأن اليد المستدامة أقوى من اليد المبتدأة
بقي الكلام هنا في مواضع : أحدها ـ انا قد أشرنا سابقا الى أن محل البحث فيما لو وهب الأب أو الجد ما هو في يدهما ، واما لو لم يكن كذلك بأن يكون ملكهما ، ولكنه في يدهما ، فقد صرح الأصحاب بأنه يفتقر الى قبض جديد كغيره ، وفرضوا ذلك فيمن اشترى شيئا ولم يقبضه فان الملك يتم بالعقد وان لم يقبضه ، ويجوز نقله بالهبة ونحوها ، وان امتنع بيعه على بعض الوجوه كما تقدم في كتاب البيع في مسئلة بيع ما لم يقبض ، ويمكن أيضا فرض ذلك في مال ورثه الأب أو الجد ، وهو تحت يد الغير ، ولم يتمكن من قبضه ، وفيما غصب منه
__________________
(١) الكافي ج ٧ ص ٣١ ح ٧ ، التهذيب ج ٩ ص ١٣٥ ح ٥٦٩ وفيهما عن محمد بن مسلم ، الفقيه ج ٤ ص ١٨٢ ح ٦٣٩ عن عبيد بن زرارة ، الوسائل ج ١٣ ص ٢٩٧ ح ١ وص ٢٩٩ ح ٥.