كطحن الحنطة ونحوها ، بل للواهب فسخها كما لو كانت قبل التصرف ، وهو مذهب المحقق في كتابيه ، واليه ذهب سلار وأبو الصلاح وهو ظاهر ابن الجنيد.
وثانيها ـ أنها تلزم بالتصرف مطلقا ، واليه ذهب الشيخان ، وابن البراج ، وابن إدريس ، وأكثر المتأخرين كالعلامة والشهيد في اللمعة وغيرهما.
وثالثها ـ التفصيل في ذلك ، بأنه ان كان التصرف موجبا لخروجها عن ملكه أو مغيرا لصورتها كقصارة الثوب ونجارة الخشب أو كان التصرف بالوطء ، فإنها تكون لازمة ، وان كان التصرف بدون ذلك كركوب الدابة وسكنى الدار وحلب اللبن ونحوها ، فإنها غير لازمة ، وهذا القول مذهب ابن حمزة والشهيد في الدروس وجماعة من المتأخرين ، وزاد ابن حمزة فقال : لا يقدح الرهن والكتابة ، وهو يشمل بإطلاقه ما لو عاد الى ملك الواهب أو لم يعد.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن مما يدل على القول الأول ظاهر الخبر الأول (١) وهو صحيح ، والتقريب فيه أنه عليهالسلام جوز الرجوع إذا كانت الهبة قائمة بعينها ، والا فليس له ، وقيام العين الذي هو عبارة عن بقائها شامل لحالتي التصرف وعدمه ، وكذا ظاهر الخبر السابع (٢) لقوله عليهالسلام بعد ذكر ما يدل على عدم الرجوع بالنسبة إلى ذي القرابة والذي يثاب ، «ويرجع في غير ذلك ان شاء» ،
وأجاب في المختلف عن هذين الخبرين حيث احتج بهما لأصحاب القول الأول مقتصرا عليهما بالحمل على ما إذا لم يوجد التصرف ، وفيه أن الحمل على خلاف الظاهر ـ كتخصيص العام وتقييد المطلق ـ يتوقف على وجود المعارض ليجمع بينهما بذلك ، وهو لم يذكر هنا ما يوجب المعارضة على هذا الوجه الا بعض الوجود الضعيفة ، كما سيظهر لك ان شاء الله تعالى ، ثم ان مما يستدل به لهذا القول الأخبار المتقدمة ذكرها في صدر هذا الموضع ، فإنها متفقة على جواز
__________________
(١) ص ٣٠٠.
(٢) ص ٣٠١.