تفاديا من طرحها ، حيث انه لا قائل بها ، فكيف يستدلون بها هنا ، وهم انما يدعون اللزوم هنا من حيث التصرف ، والرواية وما في معناها إنما دلت على اللزوم وعدم جواز الرجوع بمجرد القبض ، وليس فيها تعرض للتصرف بوجه ، فما تدل عليه الرواية لا يقولون به ، وما يقولون لا تدل عليه فكيف يتم الاستدلال بها والحال كما ترى.
وأما الرابع ففيه أن جواز الرجوع مما اقتضته الصحاح المتقدم ذكرها والمتهب انما ملكه ملكا متزلزلا مراعى بعدم الفسخ من الواهب ، فان مجرد القبض لا يقتضي لزوم الهبة ، كما عرفت ، بل هي جائزة لا تلزم إلا بأحد الأسباب الموجبة للزومها ، وليس هذا منها ، ودعوى ان التصرف من جملتها مصادرة ، ومتى فسخ الواهب ورجع فإنما رجع في ماله ، وتسلط على ماله ، لا مال المتهب ، وحينئذ فالاستدلال بالخبر عليهم ، لا لهم.
واما الخامس ففيه أن الاستدلال بمجرد هذا الكلام مجازفة محضة سيما على مذاقهم واصطلاحهم ، ومناقشتهم في الأخبار المروية في الأصول ، فكيف يعتمدون هنا على مجرد هذا الكلام ، مع أن كتب الأخبار خالية من ذلك وأصحاب هذا القول بعد الفحص والمناقشة في تحصيل دليل لهم من الأخبار لم يعثروا ، إلا على رواية إبراهيم بن عبد الحميد المذكورة ، وأوردوا واستدلوا بها ، وقد عرفت ما فيها سندا ودلالة.
وأما السادس وهو أقوى أدلته في المختلف ، ولهذا قدمه وبالغ في الذب عنه ، ففيه ما ذكره في المسالك من أنه ان أراد بالملك بعد العقد والإقباض هو الملك على جهة اللزوم ، فهو عين النزاع ومحل البحث ، وهل هو إلا مصادرة ، وان أراد تحقق الملك المطلق أعم من اللازم والجائز وترتب أثر هذا المطلق فهو غير نافع لأن العقد الجائز لا يرفع جوازه التصرف فيه على هذا الوجه ، كما يظهر ذلك في تصرف أحد المتبايعين مع وجود الخيار للآخر ، وكما في التصرف غير المغير للعين