جوابا ، ومع ذلك ففيه ما فيه كما لا يخفى ، انتهى.
المسئلة الثالثة : لو أقر بالهبة وأنكر الإقباض كان القول قوله ، لأنه منكر والأصل عدم الإقباض ، فإن ادعى عليه من أقر له بالهبة الإقباض ، لزمته اليمين في إنكاره الإقباض ، وانما كانت اليمين لازمة له في هذه الصورة دون الأولى ، بل يقبل قوله هناك بغير يمين ، لأن اليمين انما تكون لإنكار ما يدعيه المدعي ، فإذا لم يدع عليه الإقباض لا وجه للزوم اليمين عليه ، وان صدق أنه منكر قبل الدعوى المذكورة ، إذ ليس كل منكر يلزمه اليمين على الإطلاق ، بل لا بد من انضمام دعوى ما أنكره المنكر ، وهو مما لا خلاف فيه ، ولا شبهة يعتريه ، ولو أقر بالهبة والتمليك فقال : وهبته وملكته ولكن أنكر القبض فالإشكال ، ينشأ من بناء الكلام هنا على ما تقدم من الخلاف في أن القبض هل شرط لصحة الهبة ، فلا يحصل الملك بدونه ، أم شرط للزومها فيحصل بدونه ، وان كان ملكا متزلزلا يجوز رفعه بالفسخ ، وبيان ذلك أن الهبة تحصل بمجرد الإيجاب والقبول. والقبض أمر خارج عن ماهيتها ، وانما اعتبر في صحتها أو لزومها ، فإقراره بالهبة وقوله وهبته لا يدل على أزيد من وقوع وقوع الهبة بالإيجاب والقبول ، وأما القبض فلا دلالة له عليه وقوله ثانيا وملكته فان قلنا بأن القبض شرط في الصحة فمقتضى هذا الإقرار أنه أقبضه ، لأن الملك على هذا القول لا يحصل إلا بالإقباض ، فيحكم عليه بالإقباض حيث يقول وملكته ، فلا معنى لإنكاره الإقباض حينئذ ، هذا ان كان المقر ممن يرى هذا القول اجتهادا أو تقليدا ، أو ان كان ممن يرى أن القبض شرط في اللزوم ، وأن الملك يحصل بغير القبض ، فيجوز أن يكون إقراره إخبارا عن رأيه ومعتقده ، فلا يدل على الإقباض ، وذيل الكلام في المقام واسع ، من أراد الوقوف عليه فليرجع الى مطولات الأصحاب (رضوان الله عليهم) إلا أنه لما كانت المسئلة خالية عن النصوص ، فتطويل الكلام فيها بنحو هذه التعليلات تطويل بغير طائل والله العالم.