مسلم ، قال : ان الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة سبعين سنة ، فيحيف في وصيته فيختم له بعمل أهل الجنة ، ثم قرأ ومن يتعد حدود الله وقال : تلك حدود الله». ان حمل على ظاهره من التحريم فالواجب تخصيصه بما زاد على الثلث ، فإنه لا يجوز له شرعا ، وهذا هو أوفق بظاهر الآيتين المذكورتين ، وان حمل على الكراهة المؤكدة فإنهم (صلوات الله عليهم) كثيرا ما يبالغون في النهي عن المكروهات بما يدخلها في حيز المحرمات ، وفي المستحبات بما يكاد يلحقها بالواجبات ، فيجب حمله على من بر وارثا على آخر ، وأن الأفضل المساواة بينهم ، وسيأتي تمام الكلام في هذا المقام ان شاء الله تعالى.
الخامس ـ ما تضمنته جملة من الأخبار المذكورة من أن من لم يحسن وصيته عند الموت كان نقصا في مروته وعقله.
الظاهر حمله على ما هو أعم من الوصية بالإقرار بالشهادتين ، وجميع ما جاء به النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) كما دل عليه خبر سليمان بن جعفر المتقدم والإيصاء بماله وعليه ، مما كان يتعلق به حال حياته ، ويذبه بنفسه من أطفال صغار أو أمور يريد إنفاذها بعد موته ، فإن الوصية لغة العهد ، يقال : أوصاه ووصاه عهد اليه ، فيعد الى من يعمد عليه من أخوانه المؤمنين أن يتصرف في أمواله بعد موته بما يقضى عنه ما وجب في ذمته مما قدمنا ذكره ، وان كان له أولاد صغار قائما مقامه في الولاية عليهم ، ويستحب له كما عرفت أن يوصى لبعض أرحامه وأقرباؤه وأن يشهد على ذلك جماعة من إخوانه كما تقدم في خبر سليمان المشار اليه على ايمانه وعقائده ، ويعهد إليهم أن يشهدوا له به يوم القيامة ، ويشهدهم على ما أوصى به من تلك الأمور الدنيوية مضافة إلى الأمور الأخروية.
والى بعض ما ذكرنا يشير ما رواه في الكافي عن مسعدة بن صدقة (١) «عن أبى عبد الله عليهالسلام قال : ان أجلت في عمرك يومين فاجعل أحدهما لأدبك لتستعين به
__________________
(١) الوسائل ج ١٣ ص ٣٥٧ ح ٣ ، روضة الكافي ص ١٣١ ح ١٣٢.