للإيجاب الصادر من الموصي ، لأنه أوقع تمليكا مقرونا بالوفاة وقد حصلت الوفاة ، فقبل الموصى له ذلك.
ونقل عن جمع من الأصحاب منهم العلامة (قدسسره) اختصاص اعتبار القبول بهذه دون الأولى ، محتجين على عدم اعتباره في الصورة الأولى ، بأنه أوجب له بعد موته ، فقبل الموت ليس محلا للقبول ، فأشبه القبول قبل الوصية ، وكذا لو باعه ما يملكه بعد ، وبعدم المطابقة بين الإيجاب والقبول.
ورد ذلك بما أشير إليه في بيان الوجه في الصورة المذكورة ، وتوضيحه أن القبول لا يلزم أن يحصل به الملك ، وانما يحصل به تمام سببه ، وهو لا يوجب وجود مسببه ، لجواز تخلفه لفقد شرطه ، وهو هنا كذلك ، لأن الموت شرط في انتقال الملك والإيجاب كما وقع قبل زمان الملك ناقلا له في وقت متأخر ، فكذلك القبول ، والمطابقة حاصلة ، والفرق بينه وبين بيع ما يملكه واضح ، فان ذلك ممتنع شرعا إيجابا وقبولا وهنا لا مانع منه إلا بواسطة التخيل المذكور ، وهو غير مانع.
أقول : لا يخفى انه لو كان اعتبار القبول مستندا الى النصوص ، لكان الواجب النظر في ذلك النص ، وما يستفاد منه ، من عموم وخصوص ، إلا أنه ليس في المقام نص كما عرفت ، ولا دليل ، وليس إلا ظاهر كلامهم واتفاقهم على الحكم المذكور ، وحينئذ فليس هنا مسرح للنظر في تصحيح شيء من القولين المذكورين إلا بهذه التعليلات الاعتبارية ، وقد عرفت ما في الاعتماد عليها من الاشكال ، فتبقى المسئلة في طامورة التردد والاحتمال ، وان كان ما علل به المشهور أقرب الى الاعتبار.
المسئلة الرابعة : قالوا : لو رد الوصية في حال حياة الموصي جاز أن يقبل بعد وفاته ، إذ لا حكم لذلك الرد ، وان رد بعد الموت وقبل القبول بطلت ، وكذا لو رد بعد القبض وقبل القبول ، ولو رد بعد الموت والقبول وقبل القبض قيل : تبطل ، وقيل : لا تبطل.