أصحابنا (رضوان الله عليهم) حيث لم يصل الكتاب إليهم تكلفوا للاستدلال له ببعض الأخبار ، واعترضوا عليها كما هنا بعدم الدلالة أو بنحو ذلك ، وهو غفلة عما ذكرناه مما وفقنا الله اليه ، ويسر لنا الوقوف عليه.
تنبيهات :
الأول : قالوا لو كانت الورثة جماعة فأجاز بعضهم نفذت الإجازة في نصيبه من الزائد ، قيل : والوجه فيه أن الوصية لما كانت وما تقبل التبعض ، لكونها تبرعا محضا وكان الزائد عن الثلث منها موقوفا على اجازة الوارث جاز له اجازة البعض كما تجوز له اجازة الجميع ، لأن ذلك حقه ، فله التبرع بجملته وبعضه ، وكما يجوز ذلك لبعض الورثة دون بعض ويلزم كل واحد جملة ، كذلك يجوز اجازة البعض منهم جميعا ، كالنصف والثلث ، ويتقدر بالقدر المجاز ، دون ما عداه.
قالوا : فلو فرض كون الوارث ابنا وبنتا ، وأوصى بنصف ماله فإن أجازا معا فالمسئلة من ستة ، لأن لهما نصف التركة أثلاثا بينهما ، وللموصى له نصفها ، وان رد الوصية معا فالمسئلة من تسعة ، لأن لهما ثلثي التركة أثلاثا بينهما ، وهي ستة من تسعة ، ثلاثة للموصى له ، لأنها ثلث التركة ، وان أجاز أحدهما فالمسئلة من ثمانية عشر ، فللموصى له من حيث الوصية وعدم الإجازة ، الثلث ستة ، ولهما ميراثا من ذلك اثنى عشر أثلاثا بينهما ، فمن أجاز منهما دفع من نصيبه ما وصل اليه من السدس الزائد ، فلو أجازه الابن خاصة ، كان له ستة من الثمانية عشر لأنه قد سقط منه اثنان بالإجازة ، وقد كانت حصته ثمانية ، فيدفع منها الى الموصى إليه سهمان ، وتبقى له ستة ، ولو أجازت البنت خاصة كان لها ثلاث من ثمانية عشر ، لأن الذي لها قبل الإجازة أربعة ، فتدفع منها الواحد بالإجازة منهما للموصى اليه ، ومنه يعلم انه لو أجازا معا فللموصى إليه زيادة على الستة التي تثبت بالوصية ثلاثة ، سهمان من الولد وسهم من البنت فيكون للموصى له تسعة ، وهي نصف الفريضة ، وللولد ستة ، وللبنت ثلاثة ، وعلى هذا فقس.