وصحة هبته له ، وان توقف على اجازة الورثة ، لأن ذلك لهم كالخيار للبائع بالنسبة إلى ملك المشترى ، بل أضعف ، للخلاف في أن الملك هل ينتقل إليه في زمن الخيار أم لا؟ والاتفاق على أن التركة مملوكة للموصي ما دام حيا ، ومن ثم لزمت الهبة لو برء من مرضه ، وكانت الإجازة تنفيذ الوصية ، لا عطية متجددة ، على مختار أصحابنا ، وقد ادعى الشيخ في المبسوط عليه الإجماع ، وانما الخلاف في التنفيذ ، والعطية للعامة ، وأصحابنا يجعلون العطية احتمالا مرجوحا ، لا قولا.
وإذا تقرر أن الإطلاق محمول على الوصية الصحيحة ـ فكل وصية من المذكورات صحيحة ، سواء كانت نافذة أم لا ـ لم تدل الوصية المتأخرة عن الوصية بالثلث على أنها ناسخة للسابقة ، ورجوع عنها ، بل على ارادة الموصى إعطاء كل واحد ما أوصى له به ، وان توقف ذلك على اجازة الورثة ، فإن ذلك أمر آخر غير الوصية المعتبرة شرعا ، وقد ظهر بذلك أنه لا تضاد بين قوله أوصيت لزيد بثلث ، ولعمرو بربع ، بطريق أولى ، وانما يقع التضاد صريحا إذا قال بعد الوصية لزيد بثلث ، أوصيت لعمرو بالثلث الذي أوصيت به لزيد ، أو بثلثي أو بالثلث الذي جعله الله تعالى غير متوقف على اجازة ، ونحو ذلك ، وفي مثل قوله بثلثي لزيد ، ثم بثلثي لعمرو بالقرينة ، لا بالتصريح كما حققنا ، ثم نقل عن الشيخ (رحمة الله) عليه أنه اتفق له في هذه المسئلة غرائب ، وشرح ذلك بما لا مزيد فائدة في ذكره ، وانما نقلنا كلامه (قدسسره) بطوله لجودة محصوله في تحقيق المسئلة ، زيادة على ما قدمناه ، والاطلاع على ما وقع لهم من الاختلاف في المسئلة ، زيادة على ما ذكرناه ، إلا أن الخلاف الذي ذكرناه أولا بالنسبة إلى المسئلة الأولى من المسئلتين المفروضتين في كلام المحقق ، والذي ذكره (قدسسره) بالنسبة إلى الثانية منهما ، والله العالم.