مع خلوه من الدليل الواضح ، هو وقوف الناظر في الكتاب على ما في هذه المسائل من كلام الأصحاب (رحمهمالله) فلعله يتشوق نفسه الى الوقوف على كلامهم ، ونقضهم فيها وإبرامهم ، وقد أشرنا في غير موضع مما تقدم أن الغرض من الكتاب هو أن لا يحتاج الناظر فيه الى مراجعة شيء من كتب الأخبار ، لاحاطتهم فيه بجميع أخبار كل مسئلة مسئلة ، وكذلك لا يحتاج إلى مراجعة كتب الأصحاب للاطلاع على ما ذكروه في كل مسئلة مسئلة حسب الإمكان ، وإلا فاستقصاء كلامهم في كل مسئلة مسئلة مما يتعذر غالبا ، فيكون كتابنا هذا مغنيا عن مراجعة غيره من كتب الأخبار ، وكتب الفروع في الجملة ان شاء الله تعالى.
الثالث : الظاهر أنه لا إشكال في أنه لو أوصى له بثلث ماله مشاعا فان الموصى له من كل شيء من التركة ثلثه حاضرا كان أو غائبا عينا كان أو دينا فهو شريك للورثة في كل جزء جزء من التركة.
أما لو أوصى له بثلث التركة معينا في عين مخصوصة ، كدار مخصوصة ، أو عبد مخصوص ، فان الموصى له يملكه بالقبول ، وموت الموصي ، ولا اعتراض ، للورثة من حيث اختصاصه بالعين عنهم ، ولهم منها الثلثان ، لأنه لا خلاف في أن للموصى ثلث ماله ، يتصرف فيه كيف شاء ، وأنه لا يتوقف على اذن الورثة ، غاية الأمر أنه بعد أن خصه بهذه العين من حيث كونها ثلث التركة ، وهو لا يملك من هذه العين إلا ثلثها ، جعل ما بأيديهم من ضعف الوصية من جملة التركة كالقيمة الشرعية عما يستحقونه من ثلثي هذه العين ، هذا إذا كان ضعف الموصى به بأيديهم ، كما هو المفروض.
أما لو لم يكن بأيديهم بأن كان له مال غائب ، أو بيد متغلب ، فان لم يكن بأيديهم من التركة شيء أصلا ، فللموصى له ثلث تلك العين خاصة ، وكان انتقال ثلثيها موقوفا على تمكين الوارث من ضعفها من التركة ، وان كان بيدهم شيء لا يقوم بالنصف فله من العين ما يحتمله الثلث منها ومما بأيديهم من التركة ،