وقد جعل بغيره في السبيل «اركبي بعيرك ، فان الحج من سبيل الله» ، وجاز أيضا فيمن كان مرابطا لأعداء الله وحابسا نفسه على جهادهم ، والذب عن دين الله والمسلمين.
وقال علي بن بابويه : ان شاء جعله لإمام المسلمين ، وان شاء جعله في حج أو فرقه على قوم مؤمنين ، وبذلك قال ابنه في المقنع.
وقال ابن إدريس : يصرف ذلك في جميع مصالح المسلمين ، مثل بناء القناطر والمساجد ، وتكفين الموتى ، ومعونة الحاج ، والزوار ، وما أشبه ذلك لإجماع أصحابنا ، ولأن ما ذكرناه طريق الى الله تعالى ، وإذا كان كذلك فالأولى حمل لفظة «سبيل الله» على عمومها ، والظاهر أنه الى هذا القول مال جملة من تأخر عنه والمستند فيه ما أشار اليه ، وتوضيحه أن السبيل لغة الطريق ، والمراد بسبيل الله الطريق إليه ، أي إلى رضوانه وثوابه ، لاستحالة التحيز عليه جل شانه ، وهذا المعنى شامل لجميع ما يتقرب به الى الله تعالى ، فيجب حمل اللفظ عليه ، حيث لا مخصص من شرع أو عرف.
ونقل عن الشيخ ومن تبعه من الحمل على الغزاة ، انهم احتجوا بأن الشرع يقتضي صرف السبيل إلى الغزاة ، وحكم كلام الآدميين مع إطلاقه حكم ما اقتضاه الشرع ، قال في المختلف ومثله المسالك : والمقدمتان ممنوعتان.
أقول : والذي وقفت عليه من الأخبار في هذا المقام ما رواه المشايخ الثلاثة (نور الله مراقدهم) عن الحسن بن راشد (١) قال : سألت العسكري عليهالسلام وفي الفقيه أبا الحسن العسكري عليهالسلام بالمدينة عن رجل أوصى بمال في سبيل الله فقال : سبيل الله شيعتنا».
وما رواه في الكافي والتهذيب في الصحيح عن حجاج الخشاب (٢) «عن
__________________
(١) الكافي ج ٧ ص ١٥ ح ٢ ، التهذيب ج ٩ ص ٢٠٤ ح ٨١١ ، الفقيه ج ٤ ص ١٥٣ ح ٥٣٠.
(٢) الكافي ج ٧ ص ١٥ ح ١ ، التهذيب ج ٩ ص ٢٠٣ ح ٨١٠.
وهما في الوسائل ج ١٣ ص ٤١٢ ح ١ وص ٤١٣ ح ٣.