الاشتراط كما عرفت ، فوجه الجمع بين هذه الرواية وبين تلك الأخبار بحمل هذه الرواية على ما إذا سافر المسلم إلا بلد ليس فيها مسلم ، لأنه من سكانها وأهلها ، والقرينة فيما ذكرناه واضحة ، لأن سكنى المسلم وحده في بلد الكفر اختيارا نادر ، بل غير جائز شرعا إلا من ضرورة.
وتستفاد من هذه الأخبار عدة فوائد الأولى ـ ما ذكرناه وان كان خلاف ما صرح به الأكثرون اشتراط القبول بالسفر ، فلا تقبل في الحضر ، والوجه فيه ما عرفت من وجود المسلمين في الحضر ، حيث ان المسلم لا يسكن إلا في بلاد الإسلام.
الثانية ـ اشتراط الحلف وأن يكون بالكيفية التي دلت عليها الآية ، كما يدل عليه خبر يحيى بن محمد المذكور ، ومثله مرفوع علي بن إبراهيم ، وخبر المفضل ، وما تقدم نقله عن العلامة من أنه يحلف بعد العصر ، قد دل عليه مرفوع علي بن إبراهيم برواية النعماني عن علي عليهالسلام كما تقدم ، ورواية يحيى بن محمد كما في بعض نسخ المشايخ المذكورين ، وفي بعض آخر بلفظ الصلاة بقول مطلق ، وينبغي حمل الإطلاق على العصر لما عرفت.
الثالثة ـ ان ظاهر أكثر الأخبار المذكورة هو قبول الشهادة على الوصية ، أعم من أن يكون بمال أو ولاية ، إلا أن مورد الآية والقضية التي نزلت فيها كما دل عليه مرفوع علي بن إبراهيم ، إنما هو المال ، وهو الظاهر أيضا من كلامه في المسالك ، حيث قال بعد أن صرح بثبوت الوصية بشهادة عدلين مسلمين : ولا فرق في قبولها بها بين كونها بمال أو ولاية ، ومع عدم وجود عدول المسلمين تقبل شهادة عدول أهل الذمة بالمال ، للآية والرواية ، ودعوى نسخها لم يثبت ، وهو ظاهر في أن الوصية تقبل بشهادة عدول المسلمين في المال والولاية ، وأما عدول أهل الذمة ففي المال خاصة ، وعلى هذا فينبغي حمل إطلاق تلك الأخبار على مورد القصة.