الأخيرتين قد صرحتا بما ذكره الأصحاب من الشرط المذكور.
فان قيل : ان الروايتين لا دلالة لهما على كون الرقبة الموصى بها مؤمنة كما هو المدعى ، ولعله لهذه الجهة لم يورد شيخنا المذكور هذين الخبرين.
قلنا : هذا غلط محض ، فإن المسئول عنه وان كان مجملا ، لكن الحمل على المؤمنة معلوم من جوابه عليهالسلام ، وهو قرينة على أن المسئول عنه يومئذ إنما هو الرقبة المؤمنة ، وذلك فإن الأمر بالشراء بعد تعذر المأمور به بتلك القيمة لمن كان من عرض الناس ، إلا أن يكون ناصبيا ، ظاهر في كون المأمور به رقبة مؤمنة ، والتفصيل فيه جار على ما قدمناه من تقسيم الناس الى تلك الأقسام الثلاثة في وقتهم عليهمالسلام ، وان المراد بهذا الذي هو من عرض الناس هم الضلال الذين لا يعرفون ولا ينكرون ، فانا قد أشرنا سابقا الى أن المفهوم من الأخبار أن جل الناس في وقتهم كانوا من هذا الصنف.
وبالجملة فإن الحكم بما هو مشهور صحيح ، ولا يعتريه فتور ولا قصور ومما يدل على جواز عتق المستضعفين المشار إليهم في هذه الأخبار بعرض الناس اختيارا لأنهم من المسلمين ، فتجري عليهم أحكام الإسلام التي من جملتها العتق.
صحيحة الحلبي (١) قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : الرقبة تعتق من المستضعفين؟ قال : نعم». إلا أن الظاهر تقييده بما إذا لم تكن الرقبة مشروطا فيها أن تكون مؤمنة.
ومنها أنه لو أوصى بعتق رقبة بثمن معين فلم يجدها بذلك الثمن ، بل وجدها بأكثر منها لم يجب شراؤها ، ولم تجب عليه الزيادة ، ويدل عليه ما تقدم في رواية علي بن أبي حمزة ، حيث قال السائل «فلم توجد بالذي سمى ، فقال عليهالسلام : ما أرى لهم أن يزيدوا على الذي سمي». وحينئذ فيجب عليه الصبر ، وتوقع
__________________
(١) الكافي ج ٦ ص ١٨٢ ح ٣ ، الوسائل ج ١٦ ص ٢٣ ح ١.