لكنه ثقة ، فتبني حجيتها على قبول الموثق ، أو على جبر الضعف بالشهرة ، وعلى ما بيناه لا ضرورة الى ذلك ، لموافقة مضمونها للقواعد إذا قيدت باليأس من تحصيل النسمة بالشرط ، انتهى.
أقول : الظاهر ـ والله سبحانه وأولياؤه أعلم ـ أن الموصي أوصى بشراء نسمة تكون مما يساوى هذا الثمن عرفا ، واتفق حصول بعض أفراد هذا النوع بأقل من هذا الثمن ، فان الحكم فيه ما ذكر من صحة الشراء وإعطاء الزائد النسمة.
أما صحة الشراء فلأن المفروض أنه من النوع الذي أمر به ، وان اتفق حصوله بأقل من الثمن المعين ، لأن الموصي إنما قصد بتعيين الثمن بيان النوع الذي يريده ، بمعنى أنه يكون من الأنواع التي تكون قيمتها بحسب العرف والعادة خمسمائة درهم ، فالغرض إنما هو بيان النوع ، والذي اشتراه الوصي من هذا النوع ، إلا أنه اتفق له بأقل من الثمن المحدود ، وحينئذ فزيادة الثمن ونقصانه غير ملحوظ في الأمر بالشراء ، وانما الملحوظ تعيين النوع ، وقد حصل ، فلا مخالفة في الرواية بوجه من الوجوه ، ولا يحتاج الى تنزيلها على تعذر الشراء بالقدر ، كما نقله عن الأصحاب ، ولا الى الحمل على اليأس من العمل بمقتضى الوصية كما ذكره ، لأن العمل بمقتضى الوصية قد حصل بشراء تلك النسمة ، حيث انها من النوع الذي أراده الموصي ، والثمن لا مدخل له في ذلك حيث انه انما ذكر لبيان ذلك النوع ومعرفته ، لا أنه ملحوظ له أولا وبالذات كما توهمه حتى أنه بالنقصان عنه قد خالف مقتض الوصية ، وما ذكرناه بحمد الله سبحانه صحيح ، لا قصور فيه ولا ريب يعتريه.
وأما صرف الزائد فهو يرجع الى صرفه في وجوه البر ، كما هو المقرر في مثله.