باب الوصية هو تخصيص ذلك بالوصية إلى الموجود ، والحكم بالصحة في المعدوم يتوقف على الدليل ، وليس فليس.
الثانية : الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب (رضياللهعنهم) في صحة الوصية للوارث والأجنبي وغير الوارث من الأقارب ، والخلاف هنا إنما هو من الجمهور ، فإن أكثرهم على عدم جوازها للوارث ، ورووا في ذلك عنه (١) (صلىاللهعليهوآلهوسلم) أنه قال : «لا وصية لوارث». ويدل على ما ذكره الأصحاب الآية ، وهي قوله عزوجل (٢) «كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ» ومن الظاهر أن الوالدين يكونان وارثين البتة ، فهي صريحة في جواز الوصية للوارث ، والأقارب قد يكونوا وارثين أيضا فتدل الآية أيضا على ذلك بإطلاقها ، فالمراد بقوله في الآية «كُتِبَ» ليس للوجوب ، بل المراد التأكيد والحث على ذلك.
وقد اضطرب كلام العامة في المقتضى عن الآية والجواب عنها ، فقيل : بأنها منسوخة بآية المواريث وقد رواه العياشي في تفسيره عن ابن مسكان (٣) عن أبى جعفر عليهالسلام في قوله تعالى «كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ» قال : هي منسوخة نسختها آية الفرائض التي هي المواريث. وجملة من أصحابنا حملوا هذه الرواية على التقية ، لما عرفت من أن المنع مذهب العامة.
ويحتمل قريبا حمل النسخ فيها على نسخ الوجوب ، فان ظاهر الآية الوجوب وأنه قد نسخ بآية المواريث ، فلا ينافي الجواز بل الاستحباب.
ومنهم من حمل الوالدين على الكافرين ، وباقي الأقارب على غير الوارث
__________________
(١) الجامع الصغير ج ٢ ص ٢٠٤ الطبعة الرابعة ـ دار الكتب العلمية.
(٢) سورة البقرة ـ الاية ١٨٠.
(٣) تفسير العياشي ج ١ ص ٧٧ ح ١٦٧ ، الوسائل ج ١٣ ص ٣٧٦ الباب ١٥ ح ١٥.