للآية المتقدمة ، والأخبار المذكورة معها.
أقول : لقائل أن يقول : ان الأخبار المذكورة لا دلالة فيها على أزيد من وجوب تنفيذ الوصية كما أوصى به الموصي ، وهو لا يستلزم جواز ذلك ، بل من الممكن أن يكون ما فعله محرما يأثم عليه وان وجب تنفيذه على الوصي ، واليه تشير الأخبار المذكورة ، فإن الظاهر من الأخبار أن معنى سبيل الله هو جميع وجوه البر كما تقدم بيانه ، وان تفسيره بالجهاد إنما هو مذهب العامة ، ولهذا انه عليهالسلام في خبر يونس بن يعقوب أمر بصرفه في ذلك لكون الموصي مخالفا.
وبالجملة فإن النهي عن موادة الذمي وصلته التي من جملتها الوصية له لا ينافي وجوب تنفيذها بالآية المذكورة ، ألا ترى أن البيع بعد النداء يوم الجمعة محرم يأثم فاعله مع أنه صحيح لو وقع ، ومرجع ذلك الى أن الآية قد دلت على أنه يجب تنفيذ ما أوصى به حسبما أوصى به ، سواء كان ما فعل من الوصية جائزا أو محرما ، واثم تحريمه انما يتعلق به ، لا بالموصي ، نعم تبقى المعارضة بين الآيتين المذكورتين ، والجمع بينهما مشكل ، وقد مر في كتاب الوقف مزيد كلامه في ذلك : وأما استناده فيما ذكره الى الخبر النبوي المذكور ، والى أنه تجوز هبته وإطعامه فهو ناش من الغفلة عن مراجعة النصوص الواردة في هذا الباب ، وذلك فإنه قد روى ثقة الإسلام في الكافي النهي عن إطعام الكافر ، عن أبي يحيى (١) عن بعض أصحابنا «عن أبى عبد الله عليهالسلام قال : من أشبع مؤمنا وجبت له الجنة ، ومن أشبع كافرا كان حقا على الله أن يملأ جوفه من الزقوم ، مؤمنا كان أو كافرا».
وروى الصدوق قدسسره في كتاب معاني الأخبار بسنده فيه عن النهيكي (٢) رفعه الى أبي عبد الله عليهالسلام «أنه قال من مثل مثالا أو اقتنى كلبا فقد خرج من الإسلام فقلت له : هلك إذا كثير من الناس ، فقال : انما عينت بقولي «من مثل
__________________
(١) أصول الكافي ج ٢ ص ٢٠٠ ح ١ ، الوسائل ج ١٦ ص ٥٢٣ ح ١.
(٢) معاني الأخبار ص ١٨١ ، الوسائل ج ١٦ ص ٥٢٣ ح ٢.