قال في المسالك : وفيه نظر ، لأن الحربي قد لا يكون مقاتلا بالفعل بل ممتنعا من التزام شرائط الذمة ، فلا يدخل في الآية ، وقوله عليهالسلام في الخبر السابق «أعطه لمن أوصى له ، وان كان يهوديا أو نصرانيا» ، واستشهاده بالآية يتناول بعمومه الحربي ، لأن «من» عامة في المتنازع وكذلك اليهودي والنصراني شامل للذمي وغيره ، حيث لا يلتزم بشرائط الذمة ، انتهى.
أقول : من المحتمل قريبا ـ بل الظاهر أنه هو المراد ـ أن المراد بالقتال في الدين انما هو بعد طلبهم الى الدخول في الدين ، أو القيام بالجزية ان كانوا من أهل الكتاب ، بمعنى انكم إذا طلبتموهم الى ذلك قاتلوكم ، ولم يجيبوا دعوتكم ، ونصبوا لكم القتال ، لا أن المراد أنهم يبتدءونكم بالقتال ، وينصبون لكم الحرب ، وان لم تدعوهم إلى الإسلام ، إذ من الظاهر أن أهل مكة الذين هم مورد الآية وغيرهم انما قاتلوا رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بعد الدعوة الى الإسلام ، وطلبهم الى الدخول فيه ، وإلا فلو كف عنهم لكفوا عنه ولم يقاتلوه بالكلية.
وأما الاستناد إلى ما ذكره من قوله عليهالسلام في الخبر السابق «أعطه لمن أوصى له وان كان يهوديا» ، فان فيه ما قدمنا تحقيقه من أنه لا يلزم من وجوب التنفيذ صحة الوصية ، بل يجب على الوصي إنفاذ ما أوصى به وان كان أصل الوصية منهيا عنه ، جمعا بين الآيات والأخبار الدالة على النهي عن صلة الكافر وموادته ، والوصية من قبيل ذلك ، وبين الأخبار المشار إليها الدالة صريحا على وجوب تنفيذ ما أوصى به ، وليس فيما ذكرناه من هذا القول ما يطعن به عليه ، إلا كونه خلاف المشهور بينهم ، وإلا فالقواعد الشرعية لا تنافيه بل تعضده ، كما تقدمت الإشارة إليه.
ثم ان ما استدل به على عدم صحة الوصية للحربي وكذا الوقف عليه أن مال الحربي فيء للمسلمين ، فلا يجب دفعه إليه لأنه غير مالك ، فلو جازت