موكله صريحا أو فحوى ، مثل اصنع ما شئت ، والأقرب أن ارتفاع الوكيل عن المباشرة واتساعه وكثرته بحيث يعجز عن المباشرة اذن في التوكيل معنى فحينئذ الأقرب أنه يوكل فيما زاد على ما يتمكن منه لا الجميع انتهى.
وبيان ذلك هنا أن إطلاق التوكيل يقتضي تصرفا يتولاه بنفسه ، كما صرح به ، فلا بد لزيادة هذا القيد ونحوه من فائدة تترتب عليه ، والا لكان لغوا من القول ولا ريب أن من جملة ما يشاء توكيل الغير إذا شاء ، ولو حمل هذا اللفظ على ما دل عليه أصل الوكالة من غير أن يكون له فائدة تترتب عليه لكان اللازم ما قلناه ، ولا شك أنه هو المتبادر من اللفظ ، الا أن يكون ثمة قرائن حالية توجب الخروج عن ذلك.
ثم ان ما ذكره من جواز التوكيل في صورة الترفع والعجز ينبغي تقييده بما أشرنا إليه آنفا من علم الموكل بذلك ، لأنه لو لم يعلم الموكل بشيء من هذين العذرين المانعين من القيام بما وكل فيه لم يجز لذلك الوكيل توكيل غيره ، لانتفاء القرينة من جانب الموكل التي هي مناط الإذن ، لأن معرفة الموكل بكونه يرتفع أو يعجز في قوة الإذن له بالتوكيل ، كما عرفت من عبارة القواعد المذكورة ، وأنه انما وكله ، والحال كذلك إلا مع رضاه واذنه بالتوكيل ، بخلاف ما لو لم يعلم بذلك ، وهو ظاهر.
الثاني : قال في التذكرة ، إذا أذن له أن يوكل فأقسامه ثلاثة : الأول : أن يقول له : وكل عن نفسك ، ففعل كان الثاني وكيلا للوكيل ، ينعزل بعزل الأول إياه ، لأنه نائبه وهو قول الشافعي ، ثم ذكر الخلاف في ذلك من العامة وأقوالهم الى أن قال : والثاني : لو قال : وكل عني فوكل عن الموكل ، فالثاني وكيل للموكل وليس لأحدهما عزل الآخر ، ولا ينعزل أحدهما بموت الأخر ، ولا جنونه وانما ينعزل أحدهما بعزل الموكل ، فأيهما عزله انعزل.
الثالث : لو قال : وكلتك بكذا وأذنت لك في توكيل من شئت ، أو في أن توكل وكيلا ولم يقل عني ولا عن نفسك ، بل أطلق فللشافعية وجهان : أحدهما