وقال ابن إدريس : الذي يقتضيه المذهب أنه لا وصية قبل قضاء الدين ، بل الدين مقدم على الوصية ، والتدبير عندنا وصية ، فلا تمضى الوصية إلا بعد قضاء الدين ، فان عمل عامل بهذه الرواية يلزمه أن يستسعى العبد ، سواء كانت قيمته ضعفي الدين أو أقل من ذلك ، لأنه متى كانت قيمته أكثر من الدين بأي شيء كان فان الميت الموصى قد استحق في الذي فضل عن الدين ثلثه ، فتمضى وصيته في ذلك الثلث ، ويعتق العبد ، ويستسعى في دين الغرماء وما فضل عن ثلثه الباقي للورثة ، ولي في ذلك نظر ، فإن أعتقه في الحال ، وبت عتقه قبل موته ، مضى العتق وليس لأحد من الديان ، ولا الورثة عليه سبيل ، لأنه ليس بتدبير ، وانما هو عطية منجزة في الحال ، وعطاياه المنجزة صحيحة ، على الصحيح من المذهب ، لا تحسب من الثلث بل من الأصل.
وقال العلامة في المختلف : والمعتمد أن تقول ان أحاط الدين بقيمة العبد بطل العتق ، سواء كان قد نجزه من مرض موته أو أوصى به ، وان قصر الدين عن قيمته عتق ثلث الفاضل ، واستسعى في الباقي.
وقال المحقق في الشرائع : ولو أوصى بعتق مملوكه وعليه دين ، فان كانت قيمة العبد بقدر الدين مرتين أعتق المملوك ، وسعى في خمسة أسداس قيمته ، وان كانت قيمته أقل بطلت الوصية بعتقه ، والوجه أن الدين يقدم على الوصية فيبدأ به ، ويعتق منه الثلث فيما فضل عن الدين ، أما لو نجز عتقه عند موته كان الأمر كما ذكر أولا ، عملا برواية عبد الرحمن عن أبى عبد الله عليهالسلام.
أقول : والواجب أولا نقل ما وصل الي من الأخبار في المسئلة المذكورة ، ثم الكلام فيها بما وفق الله سبحانه لفهمه منها ، فمن ذلك ما رواه في الكافي والتهذيب عن عبد الرحمن بن الحجاج (١) في الصحيح قال : «سألني أبو عبد الله عليهالسلام
__________________
(١) الكافي ج ٧ ص ٢٦ ح ١ ، التهذيب ج ٩ ص ٢١٧ ح ٨٥٤ ، الوسائل ج ١٣ ص ٤٢٣ ح ٥.