الغريم مسلما ، بل صرح في الشرائع بجواز كونه فاسقا أو كافرا أو مرتدا ، والظاهر أنه لا فرق في ذلك بين الوكيل عن المالك ، والوكيل عن وكيله ، لأن الحكم في الوكيل لا يزيد على الحكم في المالك فكل من جاز للمالك توكيله ، جاز لوكيله كذلك ، لأنه قائم مقام المالك وفي حكمه ، إلا أن يقوم دليل على الفرق بينهما ، ولا أعرف لذلك دليلا ، والأصل العدم في الموضعين ، وما ذكره هنا من التعليل بقوله لأنه لا نظر للموكل في توكيل من ليس بأمين إنما يتم لو قلنا : باشتراط الوثاقة والأمانة فيمن يوكله الموكل.
وقد عرفت أنه غير شرط ولم يصرح به أحد منهم بل إنما صرحوا بخلافه ، وكيف يتم ما ذكره من أنه لا نظر للموكل في توكيل من ليس بأمين بمعنى أنه ليس يرضى بذلك ولا يجيزه ، والحال أنه يوكل الفاسق المقطوع بكونه غير أمين كما عرفت ، فلو كان نظر الموكل مقصورا على الأمين ، وان ذلك من شروط الوكالة لامتنع توكيله الفاسق ، وكيف يراعى هذا النظر في وكيل وكيله ، ولا يراعى في وكيله هو.
وبالجملة فإنه إذا صحت وكالته للفاسق والكافر. المعلوم عدم أمانتهم ، والجائز وقوع الخطر والضرر بوكالتهم ، فلم لا يجوز فيمن يوكله الوكيل والخطر والضرر في الموضعين متدارك بفسخ الموكل الوكالة ، وقياسه ذلك على الاذن في البيع المقتضى لثمن المثل قياس مع الفارق ، فإن البيع لما كان الغالب فيه هو البيع بثمن المثل حمل عليه الإطلاق ، لما عرفت في غير موضع مما تقدم أن الإطلاق إنما يحمل على الأفراد الغالبة الشائعة ، بخلاف التوكيل ، لما عرفت من أن للموكل توكيل الفاسق والكافر والمرتد ونحوهم ممن لا أمانة لهم ، فإطلاق توكيل الوكيل لغيره إنما ينصرف إلى ذلك ، لا إلى خلافه وعكسه من اشتراط الأمانة فيه ، وبما صرح به هنا صرح في القواعد أيضا ، فقال : وكل موضع للوكيل أن يوكل فيه فليس له أن يوكل الا أمينا الا أن يعين الموكل