يدم ، وهل يشترط فيه العدالة؟ المشهور ذلك ، وهو مذهب الشيخ في المبسوط ، والشيخ المفيد في المقنعة ، وابن حمزة وابن البراج وسلار ، وتبطل الوصية إلى الفاسق ، وقيل : بالعدم ، وهو اختيار ابن إدريس بعد الاضطراب في كلامه ، واليه ذهب المحقق في النافع ، والعلامة في المختلف.
احتج الأولون بوجوه منها ـ أن الوصية استيمان على مال الأطفال ، ومن يجرى مجريهم من الفقراء والجهات التي لا يراعيها المالك ، والفاسق ليس أهلا للاستئمان على هذا الوجه ، وان كان أهلا للوكالة ، لوجوب التثبت عند خبره ، ومنها أن الوصية تتضمن الركون باعتبار فعل ما أوصى اليه به ، من تفرقة المال وإنفاقه وصرفه في الوجوه الشرعية ، والفاسق ظالم لا يجوز الركون اليه ، لقوله تعالى (١) «وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّارُ».
ومنها ـ أن الوصية استنابة على مال الغير لا على مال الموصي ، لانتقاله عنه بعد موته ، وولاية الوصي إنما تثبت بعد الموت فيشترط في النائب العدالة ، كوكيل الوكيل ، بل أولى لأن تقصير وكيل الوكيل مجبور بنظر الوكيل والموكل ، وذلك من أكبر البواعث على تحرز وكيل الوكيل من تجاوز الحد ، بخلاف الوصي فإن ولايته بعد موت الموصى على الجهات التي أشرنا إليها ، وهي مما لا يشارفه فيها أحد غالبا.
احتج العلامة في المختلف على ما تقدم نقله عنه من عدم اشتراط العدالة ، قال : لأنها نيابة فتتبع اختيار المنوب كالوكالة.
واستند ابن إدريس إلى الإجماع على جواز إيداع الفاسق ، قال : وهي أمانة فكذا الوصية ، وأورد عليه بظهور الفرق بين الوكالة والوصية بما تقدم من مراعاة الموكل حال الوكيل في كل وقت مختار ، وبأنه في الوكالة تسلط على مال نفسه ، وفي الوصية على مال غيره ، ولهذا اشترطت العدالة في وكيل الوكيل.
__________________
(١) سورة هود ـ الاية ١١٣.