واستثنى جماعة منهم المحقق ما تدعو الحاجة اليه ، ولا يمكن تأخيره إلى وقت الاتفاق ، من نفقة اليتيم والرقيق والدواب ، ومثله شراء كفن الميت ، وزاد بعضهم قضاء ديونه ، وإنفاذ وصية معينة ، وقبول الهبة عن الصغير مع خوف فوات النفع.
وفصل العلامة في القواعد ، ففرق بين صورة الإطلاق في الوصية ، وبين صورة النهي عن الانفراد ، فاحتمل ضمان المنفرد في الصورة الثانية ، وجوز ما لا بد منه في الصورة الأولى ، وحمل كلام الأصحاب على ذلك.
وأورد عليه بأن من الأصحاب من صرح بعدم الفرق بين الحالين ، فلا يمكن حمل كلامه على ما ذكره من التفصيل ، وبأن حالة الإطلاق ان حملت على ارادة الاجتماع كما فهمه الأكثر فلا فرق بينهما وبين حالة النهي عن الانفراد إلا باعتبار التأكيد في هذه دون تلك كما تقدمت الإشارة إليه ، فلا وجه للفرق بالكلية حينئذ ، وقيل : ويضمن المنفرد مطلقا ، وهو الأوفق بالعلة المتقدمة ، ونقل عن أبى الصلاح أنه مع التشاح يرد الناظر في المصالح الأمر الى من كان أعلم بالأمر وأقوى عليه ، ويجعل الباقي تبعا له ، وفيه ما عرفت من أن الموصي لم يوص برأي أحدهما منفردا ، حيث أمر بالاجتماع إما بالتصريح به ، أو لكونه مقتضى الإطلاق كما عرفت ، فكيف يخص به أحدهما ، وان كان أعلم أو أقوى وقد منعه الموصي من ذلك.
ثم انه قد صرح جملة من الأصحاب بأنه مع التشاح والتعاسر منهما يجبرهما الحاكم على الاجتماع ، فان اتفق وإلا استبدل بهما ، وهو على إطلاقه مع القول باشتراط العدالة في الوصي كما عليه الأكثر لا يخلو من الإشكال ، لأنه بالتشاح والتعاسر منهما مع إمكان الاجتماع وانما قصدا بذلك محض العناد من كل منهما للآخر يثبت فسقهما الموجب لعزلهما عن الوصية ، فيجب أن يستبدل الحاكم بهما ، لا أنه يجبرهما على الاجتماع ، والحال كما عرفت.