كموت أو فسق أو عجز كلي أو جنون أو غيبة بعيدة ، فالمشهور هو أن الحكم في ذلك ما ذكر من استقلال الآخر بالوصية ، من غير أن يضم اليه الحاكم بدلا من الوصي الآخر ، لأنه لا ولاية للحاكم مع وجود الوصي ، وهو هنا موجود ونصب الآخر معه لا يخرجه من كونه وصيا ، ولهذا يقال : نصب وصيين ، هكذا قيل.
وفيه أن الظاهر من نصب الوصيين الذي قد عرفت آنفا أن مقتضاه الاجتماع ، وهو أن الموصي لم يرض برأي أحدهما منفردا كما تقدم ذكره ، فتصرفه وحده مناف لمقتضى الاجتماع المفهوم من الإطلاق ، ومنه يعلم أنه مناف لغرض الموصي.
وقولهم أنه لا ولاية للحاكم مع وجود الوصي مسلم لو كان الوصي منفردا ، وأما في صورة الاشتراك فهو ممنوع ، وصدق وجود الوصي حقيقة هنا ممنوع ، بل الموجود جزء وصي ، وإطلاق الوصي عليه مجاز ، وبه يثبت المنع من انتفاء ولاية الحاكم هنا ، بل الولاية له ثابتة ، لأن ولايته تتعلق بما لا يشرع إنفاذه لغيره من أحكام الميت ، وهو هنا كذلك.
قال في المسالك : والأقوى وجوب الضم ، وليس للحاكم أن يفوض اليه وحده ، وان كان عنده صالحا للاستقلال ، لأن الموصي لم يرض برأيه وحده ، وعند وجود ارادة الموصي لا تعتبر ارادة الحاكم ، لأن ذلك كمنعه من كونه وصيا بالانفراد ، فلا يتخطاه الحاكم ، انتهى وهو جيد.
الرابعة : لا خلاف بين الأصحاب (رضياللهعنهم) في أن للوصي أن يرد الوصاية ما دام الموصى حيا بشرط أن يبلغه ذلك ، فلو مات الموصى قبل الرد أو بعده ولم يبلغه لزمه القيام بها ، وبذلك تكاثر الأخبار.
ومنها ما رواه المشايخ الثلاثة (طيب الله تعالى مراقدهم) عن محمد بن مسلم (١) في الصحيح «عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : ان أوصى رجل الى رجل وهو غائب فليس له أن يرد وصيته ، فإن أوصى اليه ، وهو بالبلد ، فهو بالخيار ان شاء قبل ، وإن شاء لم يقبل».
__________________
(١) الكافي ج ٧ ص ٦ ح ١ ، التهذيب ج ٩ ص ٢٠٥ ح ٨١٤ ، الفقيه ج ٤ ص ١٤٤ ح ٤٩٦ ، الوسائل ج ١٣ ص ٣٩٨ ح ١.