الخامسة : لا خلاف بين الأصحاب (رضياللهعنهم) في أن الوصي أمين ، لا يضمن ما بيده من الأموال التي تعلقت بها الولاية إلا بتعد أو تفريط ، وينبغي أن يكون المدار في التعدي وعدمه على مخالفة شرط الوصية وعدمها ، فلو ربك الدابة أو لبس الثوب لا لغرض يعود الى الطفل أو نفع يترتب عليه ، كان ذلك تعديا لأن مقتضى الوصية حفظهما أو بيعهما وصرفهما في الجهة المأمور بها ، فتصرفه فيها كذلك لأغراض نفسه تعد البتة.
أما لو تعلق بذلك غرض يعود الى الطفل ، كأن يركب الدابة للمضي في حوائج الطفل من استيفاء دينه ، أو جمع حواصله أو نحو ذلك ، ولبس الثوب لدفع الضرر عنه باللبس ، كما في ثياب الصوف ونحوها في أوقات الحر ونحو ذلك ، فإنه لا يكون تعديا ، بل ربما صار في بعض الأفراد واجبا عليه إذا علم حصول الضرر بدون ذلك.
وظاهر كلامهم أن غاية ما يوجبه التعدي والتفريط وجوب الضمان عليه مع بقائه على الوصاية ، ولا يوجب ذلك عزله ، مع أنهم قد صرحوا بأنه ان ظهر منه خيانة وجب على الحاكم عزله ، والظاهر أن التعدي والتفريط نوع خيانة أيضا إلا أنهم لم يصرحوا بذلك ، بل ربما ظهر من كلامهم في الحكم الأول عدم كون ذلك خيانة ، فينبغي التأمل في ذلك ، ثم ان ما ذكروه من أنه متى ظهرت منه خيانة وجب على الحاكم عزله ، ونصب غيره ظاهر فيما لو لم يشترط عدالة الوصي فإن للحاكم أن يعزل الخائن مراعاة لحق الأطفال ، ومصارف الصدقات ، ونحوها من تنفيذ الأمور الموصى بها.
وأما على تقدير اشتراط العدالة كما هو المشهور ، فإنه ينعزل بنفس الفسق وان لم يعزله الحاكم ، ولعل المراد بعزل الحاكم في كلامهم ما هو أعم من قوله عزلتك كما هو الحكم بالنسبة إلى القول الأول أو منعه من التصرف ، لأنه قد انعزل بنفس الفسق كما هو القول الثاني ، فالمراد بعزله يعنى منعه من التصرف ،