ففيه أولا أن المفروض في كلامهم كما سمعت من عبارة التذكرة «يعجز عن التصرف ولا يهتدى إليه» هو العجز عن ذلك بجميع أنواعه في رأي كان أو فعل ، والعاجز عن الاستقلال مع كونه ذا رأي وتدبير في قوة العاجز عن البعض مع القدرة على البعض ، وهو خلاف محل البحث.
وثانيا أن الاعتماد على نصب الحاكم أمر خارج عن الوصية ، لأنه كما عرفت في قوة نصب وصي لمن لا وصي له بالكلية ، ومحل البحث انما هو وصية الوصي على هذا الوجه الذي لا يترتب على وصيته أثر بالكلية ، لأن الوصية إلى العاجز الذي يعلم عدم قيامه بشيء مما يوصى به إليه في قوة العدم ، ومن المقطوع به عقلا ان مثل هذا لا يصدر عن عاقل ، وانما هو فرض ذكروه.
وبالجملة فما ذكروه من الصحة لا أعرف له وجها وجيها ، والمسئلة باقية في قالب الاشكال وللتوقف فيها مجال ، والله العالم.
السادسة : قال الشيخ في النهاية : إذا كان للوصي على الميت مال لم يجز له أن يأخذه من تحت يده ، إلا ما تقوم له به البينة ، وتبعه ابن البراج ونازعه ابن إدريس في ذلك ، فقال : هذا خبر واحد أورده (رحمهالله) إيرادا لا اعتقادا والذي يقتضيه أصول مذهبنا أنه يأخذ من ماله في يده ، لأن من له على انسان مال ولا بينة له عليه ، ولا يقدر على استخلاصه ظاهرا ، فله أخذ حقه باطنا ، لأنه يكون بأخذ ماله من غير زيادة عليه محسنا لا مسيئا ، وقد قال الله تعالى (١) «ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ» ، انتهى.
وبما ذكره ابن إدريس صرح الشهيد في الدروس واللمعة ، وظاهر المحقق في الشرائع الميل الى ما ذكره الشيخ في النهاية حيث أفتى أولا بتقييد الجواز بغير اذن الحاكم بما إذا لم يكن له حجة ، ثم قال : وقيل يجوز مطلقا ، وأنت خبير بأن ظاهر كلام الشيخ هو أنه لا يجوز له الأخذ إلا مع الإثبات بالبينة عند
__________________
(١) سورة التوبة ـ الاية ٩١.