والجواب عن ذلك أولا بأنه يرجع الى قياس الوصاية على الوكالة ، ومع قطع النظر عن كونه قياسا مع الفارق ، غير صحيح على أصولنا معشر الإمامية
وثانيا ما ذكره شيخنا في المسالك واليه أشار الشهيد قبله في شرح الإرشاد من الفرق بين الوكالة والوصاية ، لأن الوكالة على جزئيات مخصوصة ملحوظة بنظره حيا يمضى منها ما وافق غرضه ، ويرد ما خالف ، بخلاف الإيصاء الذي لا يحصل أثره إلا بعد الموت ، وفوات نظره ، وأيضا فإن الوصي في حال حياته مالك للتصرف على الوجه المأذون فيه ، ووكيله بمنزلته ، بخلاف تصرف الوصي بعد وفاته ، لزوال ولايته المقصورة بنفسه ، وما في حكمه بموته.
وكيف كان فالظاهر بناء على المشهور أنه يرجع الأمر في تنفيذ وصاية الموصي الأول إلى الحاكم ، أو عدول المؤمنين مع عدمه ، كما صرحوا به في غير موضع ، إلا أن الظاهر من عبارة الشيخ المتقدم نقلها عن كتاب النهاية الاختصاص هنا بالإمام أو نائبه الفقيه الجامع الشرائط ، ومثلها عبارة الشيخ المفيد أيضا ، ويمكن تقييدهما بما أشرنا إليه مما صرح به الأصحاب في أمثال هذا الموضع ، كما سيأتي في المسئلة ان شاء الله تعالى ، والله العالم.
الثامنة : لا خلاف بين الأصحاب في أنه لو مات ولم يوص الى أحد وكان له تركة وأموال وأطفال ، فإن النظر في تركته للحاكم الشرعي ، وانما الخلاف في أنه لو لم يكن ثمة حاكم فهل لعدول المؤمنين تولي ذلك أم لا؟ الذي قد صرح الشيخ وتبعه الأكثر الأول ، وقال ابن إدريس بالثاني.
قال الشيخ في النهاية : إذا مات انسان من غير وصية كان على الناظر في أمر المسلمين أن يقيم له ناظرا ينظر في مصلحة الورثة ، ويبيع لهم ويشترى ، ويكون ذلك جائزا فان لم يكن السلطان الذي يتولى ذلك أو يأمر به ، جاز لبعض المؤمنين أن ينظر في ذلك من قبل نفسه ، ويستعمل فيه الأمانة ويؤديها من غير إضرار بالورثة ، ويكون ما يفعله صحيحا ماضيا.