أنه لو برء ، من مرضه لزم ذلك ، وكان مخرجه من الأصل ، وانما الخلاف فيما لو مات في مرضه ذلك ، فذهب الشيخان في النهاية والمقنعة وابن البراج وابن إدريس إلى أنه من الأصل ، وهذا القول هو الظاهر عندي من الأخبار بعد النظر فيها بعين التأمل والاعتبار ، واليه مال جملة أفاضل متأخري المتأخرين ، كالمحدث الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي ، والفاضل المولى محمد باقر الخراساني في الكفاية ، والمحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح البحراني (قدس الله أرواحهم).
وذهب الشيخ في المبسوط ، والصدوق ، وابن الجنيد الى أن ذلك من الثلث وهو المشهور بين المتأخرين ومنشأ الخلاف المذكور اختلاف الأخبار في ذلك واختلاف الأنظار والأفهام في تلك المدارك ، وها أنا أذكر أدلة كل من القولين مذيلا لها بما تنكشف به ان شاء الله تعالى غشاوة الاشكال ، ويجتمع به على وجه لا يعتريه الاختلال مستمدا منه سبحانه إفاضة الصواب ، والعصمة من الوقوع في شباك الاضطراب والارتياب.
فأقول : مما يدل على القول الأول وهو الذي عليه القول ، ظاهر قوله عزوجل (١) «فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً».
وقد روى الشيخ في الصحيح عن زرارة (٢) «عن أبى عبد الله عليهالسلام في حديث قال : فقال «فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً» وهذا يدخل فيه الصداق والهبة».
والتقريب أنه دل بإطلاقه على ما يشمل الصحة والمرض ، فتكون الآية دالة بمعونة تفسيرها بالخبر المذكور على صحة الهبة في مرض الموت مطلقا من غير تقييد بالثلث.
ومنها ما رواه المشايخ الثلاثة (عطر الله مراقدهم) في الموثق عن عمار
__________________
(١) سورة النساء ـ الاية ٤.
(٢) الكافي ج ٧ ص ٣٠ ح ٣ ، التهذيب ج ٩ ص ١٥٢ ح ٦٢٤ ، الوسائل ج ١٣ ص ٤٣٩ ح ١.