فيما يشترط فيه الأمانة كوكيل ولي اليتيم وولي الوقف على المساكين ، ونحوه انعزل بفسقه ، وفسق موكله لخروجهما بذلك عن أهلية التصرف ، وان كان وكيلا لوكيل من يتصرف في مال نفسه انعزل بفسقه ، لأنه ليس للوكيل أن يوكل فاسقا ، ولا ينعزل بفسق موكله ، لأنه وكيل لرب المال ، ولا ينافيه الفسق ، انتهى.
أقول : وأنت خبير بما فيه من الصراحة في صحة كون الوكيل فاسقا ، وظاهره دعوى الإجماع عليه ، لأن عدم انعزاله بالفسق إنما هو من حيث عدم منافاة الفسق ، لصحة الوكالة كما هو المذكور في آخر عبارته ، وأن المدار في الوكيل وصحة كونه وكيلا إنما هو على أهلية التصرف ، كما قدمنا نقله عنه في المسئلة الأولى ، وان هذا هو الضابط في صحة الوكالة ، وكأن الوجه فيه أن المالك إذا رضي بذلك وسلم اليه ماله وأمره بالتصرف فيه على الوجه الذي أمره «والناس مسلطون على أموالهم».
ولا مانع من الصحة ، ولهذا استثنى من ذلك وكيل ولي اليتيم ، ووكيل ولي الوقف الذين قد علم من الشارع أن ولاية موكليهما على ذينك الأمرين إنما هو لأجل المحافظة على ذلك ، ومراعاة المصلحة ، فلا بد من أن يكون عدلا ، إذ لا وثوق بغيره ، بخلاف مال الإنسان نفسه ، فإنه مخير في دفعه الى من شاء كيف شاء.
وأما عده من ذلك وكيل الوكيل ، فقد تقدم الكلام فيه ، وتطرق المناقشة اليه ، ويظهر من ابن إدريس في السرائر أيضا دعوى الإجماع على عدم اعتبار عدالة الوكيل كما سمعت من كلام العلامة هنا ، حيث قال في مسئلة وكالة الكافر في التزويج : والذي يقوى في نفسي أنه لا يمنع من وكالة الكافر مانع في التزويج المذكور ، لأنا لا نعتبر العدالة في الوكيل ، بغير خلاف ، لأنه لا مانع منه من كتاب ولا إجماع ولا سنة متواترة ، انتهى.
ويؤيد ذلك أيضا ما تقدم في المسئلة الثالثة في بيان مدار الوكالة ، وما