العمل بجميعها ، فلم يصل إلينا فيه خبر ، ولا ورد به أثر ، فقول ابن إدريس «وقد روى أنه إذا وجدت وصية» الى آخر كلامه الظاهر أنه من قبيل ما قدمنا ذكره في غير موضع ، من أن الشيخ لما كانت عادته غالبا الإفتاء في كتاب النهاية بمتون الأخبار ، توهم ابن إدريس أن هذه الفتوى من الشيخ مستندة الى خبر وصل اليه بذلك ، فنازعه فيه بناء على ذلك ، واحتمال وصول خبر الى الشيخ بذلك مع عدم وصوله لنا وان أمكن ، إلا أنه بعيد ، سيما بعد ما عرفت من النظائر التي قدمنا ذكرها من إفتاء الشيخ في الكتاب المذكور ، واعتراض ابن إدريس عليه بأنه خبر واحد ، مع أنه لم يرد في تلك الفتوى خبر بالكلية ، وكيف كان فحيث قد عرفت أن هذه الفتوى من الشيخ لما لم يرد لها مستند من الأخبار فلا تعويل عليها.
وانما يبقى الكلام في خبر الهمداني المذكور ، وما دل عليه من وجوب العمل بالوصية المكتوبة بخطه ، وان لم تخبر ورثته بها بالكلية ، فإن ظاهر الأصحاب (رضوان الله عليهم) كما عرفت عدم العمل بهذه الوصية ، والظاهر أنهم لم يقفوا على الخبر المذكور ، وإلا لأجابوا عنه ، ورد الخبر من غير معارض شرعي ولا دليل مرعي غير مسموع ، وظاهر صاحب الفقيه العمل به ، والقول بما دل عليه ، وسند الخبر المذكور في الفقيه صحيح أو حسن ، لأن طريقه الى إبراهيم المذكور حسن ، أو صحيح بإبراهيم بن هاشم ، وأما إبراهيم بن محمد الهمداني المذكور فهو وان لم يكن حديثه في الصحيح فلا أقل ان يكون في الحسن ، لما ذكره علماء الرجال فيه ، من أنه كان وكيل الناحية ، وكان حج أربعين سنة ، وعن الكشي توثيقه في ترجمة أحمد بن إسحاق ، وروى توكيله وجلالة قدره في بعض التوقيعات.
وبالجملة فإن الخبر المذكور حسن السند ، واضع المتن ، لا تطرق للطعن فيه بوجه من الوجوه ولا معارض له كما عرفت إلا مجرد كلامهم ، فالعمل به متعين ، والله العالم.