الحسن عليهالسلام أسأله في رجل أوصى ببعض ثلثه من بعد موته من غلة ضيعة له الى وصيه ، يضعه في مواضع سماها له معلومة في كل سنة ، والباقي من الثلث يعمل فيه ما شاء ورأي الوصي ، فأنفذ الوصي ما أوصى به اليه من المسمى المعلوم ، وقال في الباقي : قد صيرت لفلان كذا ، ولفلان كذا في كل سنة ، وفي الحج كذا ، وفي الصدقة كذا في كل سنة ، ثم بدا له في ذلك فقال : قد شئت الأول ورأيت خلاف مشيتي الأولى ورأيي ، إله أن يرجع فيها ويصير ما صيرهم لغيرهم وينقصهم ، أو يدخل معهم غيرهم ، ان أراد ذلك ، فكتب : ذلك له أن يفعل ما شاء إلا أن يكون كتب على نفسه كتابا».
أقول : لعل المراد من الاستثناء هو أن يكون قد كتب كتابا على نفسه لمن عين له شيئا من تلك الوصايا ، بحيث انه يلزم عند القضاء لو رفع الأمر إليهم ، وان كان يجوز له الرجوع بالنظر الى الواقع وفيما بينه وبين الله تعالى.
ويحتمل على بعد أن يكون قد ملكهم ذلك بوجه شرعي على وجه لا يجوز له الرجوع ، وكتب لهم كتابا بذلك ، أو يكون كتابة الكتاب كناية عن التمليك.
وروى في التهذيب عن علي بن سالم (١) قال : «سألت أبا الحسن موسى عليهالسلام فقلت : ان أبى أوصى بثلاث وصايا فأيهن آخذ؟ فقال : خذ بآخرهن ، قال : قلت : فإنها أقل ، قال : فقال : وان قل».
أقول الظاهر ان هذه الوصايا الثلاث على البدل ، والرجوع عن المتقدم منها إلى المتأخر ، فلذا أمره بالأخذ بالوصية الأخيرة ، لأنها ناسخة لما تقدمها ، وقد استفاضت الأخبار ، بأن له العدول ما دام حيا بالتقديم والتأخير ، والزيادة والنقصان ، ونحو ذلك.
ومنها ما رواه في الفقيه عن محمد بن عيسى بن عبيد (٢) قال : «كتبت الى
__________________
(١) التهذيب ج ٩ ص ٢٤٣ ح ٩٤٢.
(٢) الفقيه ج ٤ ص ١٧٣ ح ٨.
وهما في الوسائل ج ١٣ ص ٣٨٧ ح ٧ و ٦.