لأنه قبض المال لنفع نفسه ، فلم يقبل قوله في الرد كالمستعير ، وهو أحد قولي العامة.
والثاني أن القول قول الوكيل ، لأنه وكيل ، فكان القول قوله كالوكيل بغير جعل ، لاشتراكهما في الأمانة ، وسواء اختلفا في رد العين أو رد ثمنها ، وجملة الأمناء على ضربين : أحدهما ـ من قبض المال لنفع مالكه لا غير ، كالمودع والوكيل بغير جعل ، فيقبل قولهم في الرد عند بعض الفقهاء من علمائنا وغيرهم لأنه لو لم يقبل قولهم لامتنع الناس عن قبول الأمانات ، ولحق الناس الضرر ، والثاني ـ من ينتفع بقبض الأمانة كالوكيل بجعل ، والمضارب ، والأجير المشترك والمستأجر ، والمرتهن ، فالوجه أنه لا يقبل ، وهذا الكلام مؤذن بأن الوكيل ليس أمينا مطلقا ، وإلا لقبل قوله في الرد ، وسيأتي مزيد تحقيق لهذا الحكم إنشاء الله تعالى في مسائل النزاع.
وقال في مواضع آخر إذا ادعى الوكيل الرد الى الموكل ، فالأقوى أنه يفتقر إلى البينة ، ثم نقل عن الشافعي تقسيم الأمناء إلى ثلاثة أقسام : قسم يقبل قوله في الرد بيمينه ، وهم المودعون ، والوكلاء بغير جعل ، ومنهم من لا يقبل إلا ببينة وهم المرتهن والمستأجر ، ومنهم من اختلف فيه على وجهين ، وهم الوكلاء بجعل والشريك ، والمضارب ، والأجير المشترك الى آخره.
وهذا الكلام يؤذن بأنه لا فرق بين الوكيل بجعل وغيره في عدم قبول قوله إلا بالبينة ، مع أن ظاهره في الكلام الأول التردد فيما إذا لم يكن الوكالة بجعل ، وقال في موضع آخر : إذا وكله في بيع أو هبة أو صلح أو طلاق أو عتق أو إبراء أو غير ذلك ، ثم اختلف الوكيل والموكل فادعى الوكيل أنه تصرف كما أذن له ، وأنكر الموكل وقال : لم يتصرف بعد ، فإن جرى هذا النزاع بعد عزل الوكيل لم يقبل قوله إلا ببينة ، لأن الأصل العدم ، وبقاء الحال كما كان وان جرى قبل العزل فالأقرب أنه كذلك ، وأن القول قول الموكل ، لأن الأصل