وظاهر المحقق الأردبيلي التردد هنا حيث قال : ولكن لو أظهر لجحوده وإنكاره القبض أولا وجها ، مثل أن قال : كنت نسيت أو خفت أن لا تسمع دعوى التلف ، فيلزمني المال فأنكرت هل يسمع ذلك أم لا؟ فيه تردد ، من حيث إمكانه ، والحمل على الصحة ، وأنه أمين ، ومن حيث أن فتح هذا الباب يصير سببا لبطلان كثير من الحقوق ، فتأمل ، ولعل الأول أقرب.
هذا كله فيما لو كانت الدعوى بالتلف أو الرد قبل الجحود ، أما لو كانت بعده بأن قال : إني قبضت بعد ذلك الزمان الذي جحدت فيه ، ورددته إليك أو تلف ، فإنه وان لم يصدق ولم يقبل قوله بمجرده ، لظهور خيانته لكن يقبل دعواه ، وتسمع بينته ، لإمكان ذلك وعدم المنافاة ، وغايته أن يكون بجحوده متعديا ضامنا ، وذلك لا ينافي قبول دعواه وسماع بينته ، فإذا أقام البينة على الرد الذي ادعاه ثبت الحكم ، وسقطت المطالبة.
وأما دعوى تلف العين فإنه وان برئت ذمته من رد العين بالبينة أو اليمين الا أنه يلزمه المثل أو القيمة من حيث الضمان المترتب على الخيانة ، وبالفرق بين صورتي القبلية والبعدية هنا صرح العلامة في الإرشاد ، وفي غيره أطلق عدم سماع دعواه ، والله سبحانه العالم.
الثالثة : قال في التذكرة : لو دفع الى وكيله عينا وأمره بايداعها عند زيد فأودعها ، وأنكر زيد فالقول قوله مع اليمين ، فإذا حلف بريء ، وأما الوكيل فان كان قد سلمها بحضرة الموكل لم يضمن ، وان كان بغيبته ففي الضمان اشكال وللشافعية وجهان : أحدهما انه يضمن كما في الدين ، لأن الوديعة لا تثبت إلا بالبينة والثاني لا يضمن ، لأن الودعي إذا ثبت عليه ـ بالبينة ـ الإيداع ، كان القول قوله في التلف والرد فلم تفد البينة شيئا ، بخلاف الدين ، لأن القضاء لا يثبت إلا بها ، انتهى.
أقول : المشهور في كلامهم هو الفرق بين الوكالة في قضاء الدين ، والوكالة في الإيداع ، بأنه في الأول لو لم يشهد الوكيل على القضاء ضمن ، وفي الثاني