المرأة تكون في أهل بيت وتكره أن يعلم بها أهل بيتها أيحل لها أن توكل رجلا يريد أن يتزوجها؟ تقول له : قد وكلتك فاشهد على تزويجي؟ قال : لا ، قلت : جعلت فداك وان كانت أيما؟ قال : وان كانت أيما ، قلت : وان وكلت غيره يزوجها ، قال : نعم» ، وأنت خبير بأن هذه الرواية صريحة في المنع مع الاذن والظاهر أنه ليس إلا من حيث تولي طرفي العقد ، ولكن موردها النكاح خاصة ، فيمكن أن يقال : بذلك في غيره أيضا نظرا إلى أن الأصل عصمة مال المسلم وعصمة الفروج ، حتى يقوم الدليل على صحة العقد ، ومجرد الأذن كما ادعوه لا يوجب الصحة ، إذ يمكن أن يكون المانع هو تولى طرفي العقد ، وان جاز ذلك في الأب والجد مع الإغماض عن المناقشة فيه أيضا.
وجملة أدلتهم التي استندوا إليها في جواز تولي الواحد طرفي العقد لا يخلو عن خدش ، كما نبهنا عليه في ما تقدم من كتاب البيع في المسئلة الخامسة من المقام الثاني من الفصل الأول في البيع (١) فليراجع اليه من أحب الوقوف عليه ، إلا أن المفهوم من بعض الاخبار الواردة في هذا المقام كما ستظهر لك ان شاء الله هو أن المنع إنما هو من حيث خوف التهمة والخيانة ، وهو مشعر ، بأنه مع الاذن الموجب لارتفاع ذلك فإنه يصح ، وحينئذ فينبغي الفرق في ذلك بين البيع والنكاح ، ويخص المنع بالنكاح ، للخبر المذكور ، هذا كله مع الاذن.
أما مع الإطلاق فالمشهور بين أكثر الأصحاب من المتقدمين والمتأخرين هو المنع ، وهو مذهب العلامة في غير التذكرة والمختلف ، وذهب في الكتابين المذكورين إلى الجواز على كراهية ، ونقل عن أبى الصلاح وهو مذهب الدروس ، والأظهر هو القول المشهور ، ويدل عليه أن الأصل عدم جواز التصرف في مال الغير عقلا ونقلا الا مع الاذن ، والمفروض عدمه ، فإن الإطلاق لا يدل عليه.
والظاهر أن من قال بالجواز إنما قال ذلك من حيث دعوى فهم الأذن من
__________________
(١) ج ١٨ ص ٤١٧.