جلّ جلاله وعظم كبريائه.
الثاني : أن يذكر الله من جهة قدرته كقوتعالى : «إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ» (١) فيحصل منه الخوف والإرتباك ، ففي هذه الحالة لا يصدر من العبد المخالفة والعصيان ، لخوفه من العقوبة والعذاب.
الثالث : أن يذكر الله من جهة نعم الله عليه. وفي التنزيل : «وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا» (٢) فيحصل منه الشكر على نعمائه ، وبه تزداد النعم كقوله تعالى : «لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ» (٣) ومن هنا قيل : إن ذكر النعمة : شكرها.
الرابع : أن يذكر الله من جهة أفعاله الباهرة. وفي التنزيل : «إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» (٤) فيحصل منه العبر بعظم مخلوقات الرب سبحانه وتعالى عمّا يصفه الواصفون.
وأمّا الذكر باللسان : وهذا على نوعين : الأول الذكر اليونسي : أي الذكر الذي ذكره نبيّنا يونس عليه وعلى نبيّنا الصلاة والسلام في بطن الحوت حيث يحدّثنا القرآن الكريم بقوله : «وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ» (٥).
فجملة «لا إلٰه إلّا أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين» هذا هو
__________________
١ ـ الحج ٤٠ و ٧٤.
٢ ـ إبراهيم : ٣٤ ، والنحل : ١٨.
٣ ـ إبراهيم : ٧.
٤ ـ البقرة : ١٦٤.
٥ ـ الأنبياء : ٨٧.