الباقي ، وظاهر العلامة في التذكرة على ما نقله عنه في المسالك هو جواز الأخذ ما لم تعلم الكراهة.
قال : وقد روي (١) أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حضر في أملاك فأتي بإطباق عليها جوز ولوز وتمر ، فنثرت فقبضنا أيدينا ، فقال : ما لكم لا تأخذون. قالوا : لأنك نهينا عن النهب (٢) ، فقال : إنما نهيتكم عن نهب العساكر ، خذوا على اسم الله تعالى فجاذبنا وجاذبناه.
أقول : والظاهر أنه إلى هذا الخبر استند العلامة فيما ذهب إليه من الجواز في الصورة المذكورة ، وإن كان عاميا ، وهو ظاهر في جواز انتهاب النثار بمجرد نثرة ، وهذا هو الذي جرت العادة به بين الناس ، ولكن أصحابنا قيدوا الجواز بما ذكروه ، لعدم قيام دليل عندهم على الحل بمجرد ذلك.
الرابع : في تملكه بعد الأخذ قالوا : حيث يجوز أخذه بأحد الوجوه المجوزة ، فهل يملكه الآخذ بمجرد الأخذ أم لا؟
قيل : بالأول اعتبارا بالعادة الدالة على إعراض المالك عنه ، فأشبه التقاط المباحات ، ونقل هذا القول عن العلامة في التذكرة ، وبه صرح المحقق في الشرائع.
وقيل : بالثاني وأن الأخذ إنما يفيد مجرد الإباحة ، لأصالة بقاء ملك مالكه عليه إلى أن يحصل سبب يقتضي النقل ، وما وقع إنما يعلم منه إفادة الإباحة ، قال في المختلف ـ وهذا هو الأقوى ـ قال : والفرق بينه وبين مباح الأصل واضح ، لأن ذلك لا ملك لأحد عليه ، فإثبات اليد عليه مع نية التملك كاف في تملكه. بخلاف المملوك إذا أبيح بالإذن ، فإن ذلك لا يخرج عن الملك ، وإثبات اليد المأذون له فيه ليس من الأسباب الناقلة للملك شرعا ، فيتمسك بالاستصحاب
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٨٨ مع اختلاف يسير.
(٢) قال في المصباح : والنهبة بالضم وزان غرفة ، والنهباء بزيادة الألف التأنيث اسم للمنهوب انتهى. (منه ـ رحمهالله ـ).