قال في الوافي : كان المراد تأكل مما جاء وحصل عندها بالعشي كائنا ما كان ولا تسأل عما ذهب وغاب عنها وهذا قريب من معنى رواح الماشية وسراحها ، كما قال الله عزوجل (١) «حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ».
وقال بعض مشايخنا المحدثين : لعله كناية عن قناعتها بما يأتي به زوجها ، وعدم التفتيش عما أعطاه غيرها ، ويمكن أن يكون المراد حقيقة ، أي ترضى بلبن الأنعام بعد الرجوع من المرعى ، ولا تسأل عما كان في ضرعها عند السرح. انتهى.
أقول : والأقرب هو المعنى الأول من هذين المعنيين.
وعن أبي بصير (٢) قال : «قال أبو عبد الله عليهالسلام : يا أبا محمد أي شيء يقول الرجل منكم إذا دخلت عليه امرأته؟ قلت : جعلت فداك أيستطيع الرجل أن يقول شيئا؟ فقال : ألا أعلمك ما تقول؟ قلت : بلى ، قال : تقول : بكلمات الله استحللت فرجها وفي أمانة الله أخذتها ، اللهم إن قضيت لي في رحمها شيئا فاجعله بارا تقيا واجعله مسلما سويا ، ولا تجعل فيه شركا للشيطان ، قلت : وبأي شيء يعرف ذلك (٣) قال : أما تقرأ كتاب الله عزوجل ، ثم ابتدأ هو (٤) ـ (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) ـ ثم قال : إن الشيطان ليجيء حتى يقعد من المرأة كما يعقد الرجل منها ، ويحدث كما يحدث ، وينكح كما ينكح ، قلت بأي شيء يعرف ذلك؟ قال : بحبنا وبغضنا ، فمن أحبنا كان نطفة العبد ، ومن أبعضنا كان نطفة الشيطان».
وعن أبي بصير (٥) قال : «قال لي أبو عبد الله عليهالسلام يا أبا محمد إذا أتيت أهلك فأي
__________________
(١) سورة النحل ـ آية ٦.
(٢) الكافي ج ٥ ص ٥٠٢ ح ٢ ، الوسائل ج ١٤ ص ٩٦ ح ٢.
(٣) الظاهر أنه لا يخلو من غلط لان الظاهر أن السؤال انما هو عن الدليل على كون الولد يكون شرك شيطان فأجاب بالآية ، والسؤال عن العلامة وما تضمنه قوله في آخر الخبر بأنه يعرف بحبنا وبغضنا فهو معنى الصحيح الظاهر من الخبر بعده. (منه ـ رحمهالله ـ).
(٤) سورة الإسراء ـ آية ٦٤.
(٥) الكافي ج ٥ ص ٥٠٣ ح ٥ ، الوسائل ج ١٤ ص ٩٧ ح ٥.