وهؤلاء لما كلفوا بخلاف ذلك كما عرفت من الأخبار المتقدمة كان لهم الأجر على امتثال ما كلفوا به ، وإن لم يتيسر لهم الإتيان بما فعله أولئك ، فكل له الفضل بامتثال ما كلف به وأتى به ، ولا دلالة في الخبر المذكور على رجحان مرتبة أولئك بما كانوا يأتون به من المشي على الماء ، وأنهم أفضل من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وإنما تضمن العذر لهؤلاء بهذه التكليفات التي تكون عائقة من الإتيان بذلك ، ومرجعه الى ما ذكرناه من أنهم في الفضل والقرب منه سبحانه متحدون.
وإنما الاختلاف في الإتيان بذلك وعدمه من جهة التكاليف المقتضية لذلك وعدمه ، لا من جهة علو المرتبة في أحدهما دون الآخر.
تتمة :
اعلم أنهم قالوا : إن النكاح إنما يوصف بالاستحباب بالنظر إليه في حد ذاته يعني مع قطع النظر عن اللواحق المتعلقة به ، وإلا فإنه ينقسم إلى الأقسام الخمسة.
فقد يكون واجبا كما إذا خيف الوقوع في الزنا مع عدمه ، ولو أمكن التسري كان واجبا مخيرا ، وقد يكون حراما كما إذا أفضى الإتيان به إلى ترك واجب كالحج والزكاة ، وإذا استلزم الزيادة على الأربع ، ويكره عند عدم توقان النفس إليه مع عدم الطول ، على قول ، والزيادة على الواحدة ، عند الشيخ (قده).
وقد يستحب كنكاح القريبة ، على قول ، للجمع بين صلة الرحم وفضيلة النكاح ، واختاره الشهيد في قواعده ، وقيل : البعيدة ، لقوله (١) صلىاللهعليهوآلهوسلم «لا تنكحوا القرابة القريبة ، فإن الولد يخلق ضاويا». أي نحيفا وهو اختيار العلامة في التذكرة وعلل بنقصان الشهوة مع القرابة.
__________________
(١) النهاية الأثيرية ج ٣ ص ١٠٦.